حديقة الحكمة النبوية في تفسير الأربعين السيلقية،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[كلام في مسألة التبني]

صفحة 379 - الجزء 1

  لا محالة، فكيف يجتمع الهوى والحق وهما في حكم المتضادين، لأن الحق كريه مُرِّيٌّ⁣(⁣١) ثقيل، والباطل شهي خفيف وبيل، وقد قال تعالى: {وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى ٤٠ فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ٤١}⁣[النازعات] واتباع هوى النفوس يجرِّع السم الذُّعاف⁣(⁣٢)، فأما طول الأمل فينسي قدوم الأجل فيصرف الإنسانُ همَّه إلى الدنيا وينسى ما وراءها من الدار الأخرى، فيكون كدحه لها وجمعه منها فيها حتى يأتيه الأجل وقد صدف عن الحق باتباع هوى نفسه، وانصرفت همته إلى الدنيا بطول أمله، فلم يلق خيراً بعد هذين الوجهين في دنياه ولا آخرته، أما دنياه ففارقها حسيراً، وأما آخرته فوصلها فقيراً، خسر الدنيا والآخرة ذلك هو الخسران المبين.

  فنسأل الله أن يجعلنا وإياكم من الرافضين لهوى النفوس، المقصرين الآمال، العاملين للمرجع والمآل، والصلاة على محمد وآله خير آل.


(١) الْمُرِّيُّ: بِوَزْنِ الدُّرِّيِّ ... مَنْسُوبٌ إِلَى الْمَرَارَةِ.

(٢) في بعض النسخ: الزُّعاف، قلنا: عند أصحاب اللغة: زُعَافٌ وذُعافٌ وذُؤافٌ وزُؤاف بمعنى واحد، والذُّعافُ: السّمُّ الْقاتِلُ، أو سَمُّ ساعةٍ، ا. هـ (انظر لسان العرب ٩/ ١٣٤).