حديقة الحكمة النبوية في تفسير الأربعين السيلقية،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

الحديث الأربعون

صفحة 384 - الجزء 1

  قفا أصله قف، وأراد التنوين فعوض منه الألف وهو كثير في كلامهم. والذكرى معروف. وسُمي الحبيب حبيباً لسكونه حبة القلب في توهمهم. والمنزل ما يُنزَل فيه من الركاب والخيل، وهو الاسم، ومصدره بالفتح. وسِقْط اللوى منقَطَعُه، واللوى لوى الرَّمْل، مقصورٌ وهو ما قد تَنَصَّبَ⁣(⁣١) والتوى. والدخول وحومل موضعان.

  ومنه الوقوف بعرفة زادها الله شرفاً. والباب هو ما يُدْخَلُ منه في الأغلب إلى المساكن، وقد يُجْمَع على أبْوِبَة، قال القتَّال الكِلابي⁣(⁣٢):

  هَتَّاكُ أَخْبِيةٍ وَلَّاجُ أَبْوِبَةٍ ... يَخْلِطُ بِالْبِرِّ فيهِ الجِدَّ وَاللِّينا

  واليوم: معروف وهو نقيض الليل. والخَمْسُ: جملةٌ من العدد معروفة. والْمَرَّات مأخوذة من مِرَرِ الحَبْل وهي مُنُنُهُ⁣(⁣٣) وقُوَاهُ، ومنه أُخِذَت الْمِرَّة أي القُوّة.

  المَعْنَى فِي ذَلكَ: أنه # أخبر - وهو الصادق في خبره - أنَّ ما به يومٌ من الأيام على مرور الليالي والأعوام إلَّا ومَلَك الموت كرَّمه الله يقف على كلِّ بابٍ خمسَ مرات في يومه، وهذا أمْرٌ لا يستبعده من عرف قدرة الله سبحانه، فإذا قوّاه الله وأقدره هان عليه ذلك، وإن اتسعت الآفاق وتكاثرت الأعداد، وقد قطعت السفن الثقال بأمر الله ما لا يقطعه الخيل والإبل من المسافات في الأوقات القريبة، وكذلك الطير، وقد قال تعالى حاكياً عن الذي عنده علم من الكتاب: {أَنَا آتِيكَ بِهِ} يريد عرش بلقيس وهو ثلاثون ذراعاً في خمسة عشر، مُرَصَّعٌ بالدُّر والياقوت {أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ}⁣[النمل: ٤٠] وقيل إن الذي عنده علم


(١) في النسخة (أ) ونسخة أخرى: انْتَصَبَ.

(٢) القَتَّال الكِلَابي: هو عبيد بن مجيب بن المضرحي، من بني كِلَاب بن رَبِيعَة: شاعر فتاك، بدوي، من الفرسان، يكنى أبا المسيّب أدرك أواخر الجاهلية، وعاش في الإسلام إلى أيام عبد الملك بن مروان نحو ٧٠ هـ. (الأعلام للزركلي: ٤/ ١٩٠).

(٣) مُنُنٌ: جمع مَنِينٌ، والمَنينُ: الْحَبْلُ الْقَوِيُّ الَّذِي لَهُ مُنَّةٌ. والمَنِينُ أَيضاً: الضَّعِيفُ. (انظر لسان العرب: ١٣/ ٤١٥).