[العلم وحقيقة العالم، وما ورد في فضل العلماء]
  الخير قد تقدم معناه، والمراد به هاهنا النفعُ وإحْمادُ العاقبة. والعيش هو الحياة لأنهم يجعلون في كلامهم: عاش نقيضاً لمات وذلك ظاهر.
[العلم وحقيقة العالِم، وما ورد في فضل العلماء]
  ولا يُعدُّ المرء عالماً حتى يكون عالماً بذات الباري تعالى وصفاته، وما يجوز عليه في الإثبات والنفي وما لا يجوز، وأفعاله تعالى، وأحكام أفعاله، وما يجوز منها وما لا يجوز، وتوابع ذلك من النبوات والشرائع، وما يتبعها من الإمامة وتوابعها من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والوَلاء والبراء، فإذا عَرف هذه الجملة عُدَّ عندنا من العلماء.
  ثم العِلْمُ بعد ذلك يتفاضل؛ فلا عالمٌ إلا وفوقه عليمٌ حتى ينتهي الأمر إلى العالم لذاته وهو الله سبحانه.
  وإنما قلنا من عرف ما قدمنا عُدَّ عالماً؛ لأنا روينا بالإسناد الموثوق به إلى عمر أنه قال: قال رسول الله ÷: «الْعِلْمُ ثَلَاثَةٌ وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَضْلٌ: آيَةٌ مُحْكَمَةٌ، وَفَرِيضَةٌ عَادِلَةٌ، وَسُنَّةٌ قَائِمَةٌ» فدخل تحت هذه الجملة جميعُ ما قدمنا.
  والناطق هو الذي ينشر عِلْمَه ويبثُّهُ لمن يستحقه من أهله؛ لأن الله تعالى قد أخذ ميثاق أهل العلم بذلك، وذلك ظاهر في قول الله تعالى: {وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ}[آل عمران: ١٨٧] وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ
= (٣/ ٣٨٩) رقم (١٨٥٥) وحديث: عَنِ الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ [الْهَمْدَانِي] عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: أَمَا إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ الله ﷺ يَقُولُ: سَتَكُونُ فِتَنٌ، قُلْتُ: وَمَا الْمَخْرَجُ مِنْهَا؟ قَالَ: كِتَابُ اللهِ، فِيهِ نَبَأُ مَا قَبْلَكُمْ، وَخَبَرُ مَا بَعْدَكُمْ، وَحُكْمُ مَا بَيْنَكُمْ، هُوَ الْفَصْلُ لَيْسَ بِالْهَزْلِ، هُوَ الَّذِي مَنْ تَرَكَهُ مِنْ جِبَّارٍ قَصَمَهُ اللهُ، وَمَنِ ابْتَغَى الْهُدَى فِي غَيْرِهِ أَضَلَّهُ اللهُ، فَهُوَ حَبْلُ الله الْمَتِينُ، وَهُوَ الذِّكْرُ الْحَكِيمُ، وَهُوَ الصِّرَاطُ الْمُسْتَقَيمُ، وَهُوَ الَّذِي لَا تَزِيغُ بِهِ الأَهْوَاءُ، وَلَا تَلْتَبِسُ بِهِ الأَلْسِنَةُ، وَلَا يَشْبَعُ مِنْهُ الْعُلَمَاءُ، وَلَا يَخْلَقُ عَنْ كَثْرَةِ الرَّدِّ، وَلَا تَنْقَضِي عَجَائِبُهُ، وَهُوَ الَّذِي لَمْ تَنْتَهِ الْجِنُّ إِذْ سَمِعَتْهُ أَنْ قَالُوا: {إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا ١} هُوَ الَّذِي مَنْ قَالَ بِهِ صَدَقَ، وَمَنْ حَكَمَ بِهِ عَدَلَ، وَمَنْ عَمِلَ بِهِ أُجِرَ، وَمَنْ دَعَا إِلَيْهِ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ، خُذْهَا إِلَيْكَ يَا أَعْوَرُ» رواه في سنن الدارمي (٤/ ٢٠٩٨) رقم (٣٣٧٤) ومصنف ابن أبي شيبة (٦/ ١٢٥) رقم (٣٠٠٠٧) وسنن الترمذي (٥/ ١٧٢) رقم (٢٩٠٦) ومسند البزار - البحر الزخار (٣/ ٧١) وشعب الإيمان للبيهقي (٣/ ٣٣٥) رقم (١٧٨٨) ..