حديقة الحكمة النبوية في تفسير الأربعين السيلقية،

عبدالله بن حمزة (المنصور بالله) (المتوفى: 614 هـ)

[القرآن]

صفحة 90 - الجزء 1

  قُضاعَةَ، وَإِنَّمَا ذكرنا نسبه بطوله لأنَّ المنافقين طعنوا في نسبه في ذلك العصر وذموه، ولهم في كل عصر ورثة.

  قوله #: دَارُ بَلَاءٍ وَانْقِطَاعٍ.

  البلاء هو الامتحان، والانقطاع هو الانفصال، قال قائل أهل اللغة:

  فالْيَوْمَ أَبْلُوكَ وَتَبْتَلِينِي ... وَالْيَوْمَ تَبْلُو غِلَظِي وَلِينِي

  معناه امتحنك وتمتحنني، فأشار # للمقداد وللمسلمين إلى أنَّ بلوى الدنيا دائمٌ، وانقطاعها لازم، وأنَّ حُجَجَ الله سبحانه من الأنبياء $ وورثتهم من الأئمة الأعلام وأتباعهم من كبار أهل الإسلام، ربما انقطعوا وذَلُّوا، وقُتلوا فقَلُّوا، وفُرِّقوا فانغلُّوا⁣(⁣١)، يُبدِّلون أنسابهم، ويحولون أسماءهم، فلم يبق لهم عَلمٌ شاهر⁣(⁣٢)، ولا أمرٌ ظاهر، فأمر # بما به تقع النجاة عند فَقْدِ الدعاة، وهو الرجوع إلى القرآن المجيد، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد.

  فقال #: فَإِذَا الْتَبَسَتْ عَلَيْكُمُ الْأُمُورُ كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ.

  الالتباس هو اختلاط بعض الأمور ببعض حتى لا يمكن تخليصها إلا بعناء ومشقة، أُخِذ ذلك من اللُّبس وهو الخَلْط. والأمور هي الحوادث والمسائل المشكلات. وقِطَعُ الليل: سُدَفُه، والليلُ المظلم خلاف الليل الْمُقْمِرِ، وعند شدة الظلام يَصْعُب التمييز بين الأمور المتشابهة.

  قوله #: فَعَلَيْكُمْ بِالْقُرْآنِ.

[القرآن]

  أغراهم بلزومه، وأمَرَهم بالاستضاءة بنوره، وقد روينا عن رسول الله ÷ أنه قال في القرآن في حديثٍ فيه بعض الطول؛ قال فيه - يعني القرآن -:


(١) أي انْدَسُّوا، هامش (أ).

(٢) في النسخ: (علم قاهر) وفي الأصل مصحح فوقها بـ شاهر، وصححها في نسخة أخرى بأنها من نسخة الإمام #.