[قوله #: (المقيم بين أظهركم مرتهن بذنبه ... إلخ]
  يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا ١٠٠}[النساء]، والهجرة من بينهم من صميم التقوى، والله سبحانه يقول: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ٢ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}[الطلاق: ٣]، وأنا أظن أنه ذم أولئك الجفاة لا كل من سكن البصرة، كما قال معاوية في ذم أهل الشام عندما كتب إلى أمير المؤمنين: لأحاربنك بمائة ألف لا يفرقون بين الناقة والجمل.
  وما أكثر المتعامين عن الحق بسبب الران الذي يغطي قلوبهم وقد تعامى في فتنة البصرة وحرب الجمل طلحة والزبير، وهما من كبار الصحابة، وأم المؤمنين عائشة حتى صارت القائد المطاع، وكم قد طرق سمعها من لسان رسول الله في فضل أمير المؤمنين وسيد الوصيين، وقد أخبرها بمسيرها ذلك رسول الله ÷ عندما أخبر أن إحدى نسائه تنبحها كلاب الحوأب فقال: «إياك أن تكون أنت يا حميراء» غير أن الهوى لا يقر بصاحبه قرار، ولا تؤويه دار إذا رأى عدوه قد رفعه الله يدبر لذلك العدو المكائد.
  نعم، ويقاس على من ذمهم أمير المؤمنين من يجالس أعداء الدين ويخالط ظلمة السلاطين، فإن كان ذلك لوعظهم وإرشادهم فلذلك حدود، وإن كان طمعاً لما في أيديهم فقد