[من كلام لأمير المؤمنين # في معرفة الله تعالى]

  قد سبق أنه لا فلاح ولا نجاح إلا بمعرفة الله حق المعرفة فأردت أن أشرح كلمات لأمير المؤمنين # في هذا الشأن، ومن الله أستمد الهداية والبصيرة إنه سميع مجيب، قال #: (أول الدين معرفته وكمال معرفته التصديق به، وكمال التصديق به توحيده):

  جمل تشفي غليل العارفين وتطرب لحلاوتها قلوب السامعين، وتتوق لشرح معانيها آذان المؤمنين؛ لأن الناطق بها عيبة علم النبي سيد الوصيين ويعسوب المؤمنين، فهذه الجمل شجر أصلها ثابت وفرعها في السماء، تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها، أولها قوله: (أول الدين معرفته) فلا دين ثابت وكامل لمن لم يعرف الله، ولو قطع من العمر مشواراً طويلاً، مصداق ذلك ودليله جواب النبي ÷ على من سأله عن أفضل الأعمال فأجابه ÷ بقوله: «ويحك إن مع العلم ينفعك كثير العمل وقليله، ومع الجهل لا ينفعك كثير العمل ولا قليله»، يؤخذ من هذا الحديث الشريف أن عبادة من لم يعرف الله وعدمها سواء، شبيه من يريد سفراً شاقاً من غده فلما نام رأى في منامه أنه قطع تلك المسافة الشاقة، فاستراحت لذلك نفسه؛ فلما أصبح خاب أمله،