[قوله #: من هوان الدنيا على الله أنه لا يعصى إلا فيها ... إلخ]
[قوله #: من هوان الدنيا على الله أنه لا يعصى إلا فيها ... إلخ]
  ومن مواعظه وحكمه # قوله: (من هوان الدنيا على الله أنه لا يعصى إلا فيها ولا ينال ما عنده إلا بتركها):
  تأمل بالله عليك في هذا الوصف والتعبير لقد شبهها بمستنقع الأوساخ؛ لأن المعاصي أوساخ معنوية والنجاسات أوساخ حسية وصورها # بمحل الكناسات وهي أهل أن تشبه بذلك وقد ذمها يوماً بقوله #: (جيفة افتضحوا بأكلها).
  نعم، أراد # أن يقلل من قدرها عند السامعين، وأن يحقرها في عيون الراغبين؛ لأنه # رأى الناس مفتونين بحبها وعائمين بين أطماعها حتى عدا بعضهم على بعض من أجلها، وبسببها يتقاطعون الأرحام ويقترفون الآثام، لا يرعوي لناصح من عشقها، ولا يهتدي لواعظ من التاط قلبه بحبها، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
  ثم صورها بصور أقبح مما سبق حين قال #: (ولا ينال ما عنده إلا بتركها) هذا الوصف يكفي في قبحها وذمها وحقارتها أن تكون حائلة بين الإنسان وبين جنات النعيم، فعلى العاقل اللبيب أن يخفف حدتها من قلبه بذكر الموت وحسرات الفوت، وليعلم طالب النجاة أن المائل إليها بجنانه ما عرف الله حق المعرفة ولولا حبها ما حسد الحاسدون ولا