الإمام صلاح الدين محمد بن علي
  ولما أصاب والده الفالج وسقط عنه التكليف، قام بالأمور، وسد الثغور، وساس الجمهور، زهاء سنة قبل وفاة والده، ثم جمع العلماء، وقال لهم: هذا إمامنا قد سقط عنه التكليف، وكنت أصدر وأورد عن أمره، فانظروا لأنفسكم، وهذا آلة الجهاد وعهد المسلمين إلى أيديكم فحاربوا.
  ولما توفي والده الإمام المهدي لدين الله علي بن محمد بن علي #، واضطرب أمر الناس بعده، سار ولده الإمام الناصر إلى ظفار للاجتماع والنظر فيمن يصلح للقيام، واجتمع إليه نحو ألف وثلاث مائة عالم، فأجمع رأيهم على تقليده بعد أن خَبروه، فوجدوه كاملاً، فبايعوه.
  وأجابه أهل الحل والعقد، ولا يعلم أحد من أهل البصائر النافذة إلا دخل في أتباعه لعلمهم بكماله وفضائله، وكثرت محامده.
  وقال الإمام الواثق بالله المطهر بن محمد: أشهد أن هذا إمام مفترض الطاعة، رضيت به إماماً لي وللمسلمين، ثم خطب بذلك على منبر ظفار.
  وكانت دعوته إلى الله تعالى في ظفار في آخر أيام أبيه، سنة ثلاث وسبعين وسبعمائة، وملك من المدن ذمار وصعدة، ثم افتتح صنعاء في سنة أربع وثمانين وسبعمائة، وكانت لبعض الأشراف آل يحيى بن حمزة، وقهر أهل اليمن الأقصى فوصل زبيد وعدن والمهجم وحرض.
  وأقلق إسماعيل بن الأشرف الرسولي في ممالكه، ودوخ البلاد، وبالجملة فإنه شاد معالم مذهب الفرقة العدلية، وقام بأوامر الله أكمل قيام.