صفته #
  أما زهده وورعه #: - فمعروف في سيرته، مشهور من شيمته، يعرفه من خالطه واتصل به من حال الصغر إلى الكبر، وأنه كان كثير الصبر على مضض العيش، مدمناً على الصوم والقيام، وما لمس حراماً متعمداً، ولا أكله ولا رضي أكله، وكان يغشى مجالس العلم، ويقتات الشيء اليسير الزهيد، ويؤثر على نفسه الوافدين إليه، والضعفاء والمساكين والغرباء.
  وكان يدمن على الصيام على الدوام، حتى قال له بعض أصحابه: إن الصيام يضعفك، فكان يصوم يوماً ويفطر يوماً، وكان كثيراً ما يصيبه صداع شديد في رأسه، فيفطر لأجل ذلك إن خشي مضرة، وربما يصوم معه في بعض الأوقات.
  وكتب # إلى أهل المغرب من خولان حيدان كتاباً، قال فيه:
  والله ما رأيت خمراً بعيني في يقظة ولا منام، ولا الملاهي من الطنابير وما شاكلها حتى ظهرت على الجبارين من الغز، وأمرت بكسرها وإراقة خمورها، ولا فعلت قبيحاً متعمداً من الصغر إلى هذه الغاية من الكبر، ولا أكلت حبة حراماً أعلمها، ولا قبضت درهماً حراماً أعلمه، ولا تركت واجباً متعمداً، وإني لمعروف النشأة بالطهارة، ما كان لي شغل إلا التعليم والدراسة والعبادة، ثم انتقلتُ بعد ذلك إلى الجهاد في سبيل الله فحاربت الظالمين قبل أن أقص شاربي، بعلم الخاص والعام.
  ولقد أتى قوم كثير بشيء من البر وفي جملتهم رجل سلم إليَّ ديناراً فخلطه في جملة دنانير، فسأله عن الدينار على جاري عادته، فأخبره أنه زكاة فسلم جميع الدنانير إلى متولي قبض بيت المال، ولم يأخذ منها شيئاً لنفسه بعد ذلك.
  ومقاماته في الرأفة والرحمة والعدل والزهد في الدنيا وإيثار الآخرة أشهر من