الدعوة الثانية: دعوة الإمامة العظمى (العامة)
  بلغته دعوة الإمام ووصلت إلى خبير والمدينة، فلبَّاها وأجابها، وكان من علماء وقته وفضلاء زمانه، وكان شديد الاجتهاد في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والجهاد في سبيل الله.
  فكان يختلف في قرى الظاهر ويأمرهم بالصلاة وحضور الجمعة، ولم يكن الأكثر يعرف الصلاة فأخذهم باللين والشدة، وجعل على من قطع الصلاة عشر جلدات، فصلى الناس رغبة ورهبة.
[موقف من عدالة الإمام #]
  فأتى في بعض الأيام إلى غلام الأمير شجاع الدين جعفر بن الحسين بن القاسم بن الحسين بن حمزة - وهو ابن عمه، وله مواقف مشهودة بين يديه في جهات شتى، وصبر في البأساء والضراء - فسأله في مجمع: هل صليت؟.
  فقال الغلام: لست أصلي، وأغلظ له في الجواب.
  فأمسكه القاضي وجلده عشر جلدات.
  وراح الغلام يشتكي إلى مولاه الأمير، فأتى الأمير وقد حمله الغيظ ولم يملك نفسه، ومعه غلامان له، فأمسكا الفقيه وضربه على رأسه بعمود الدبّوس، فأنكر الناس ذلك.
  ولمَّا وصل العلم إلى الإمام # وهو بصعدة روي أنه أمسَى ليلته تلك يتململ، وما ذاق فيها النوم غضباً لله سبحانه.