القول المشهور في ترجمة الإمام المنصور،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

الدعوة الأولى: دعوة الاحتساب (الإمامة الصغرى)

صفحة 27 - الجزء 1

  عُلم أن أحداً منهم أخذ علفاً غصباً، ولا آذى أحداً بأذية.

  وروي عن شيخ مسنٍّ من شيوخ أهل الحقل أنه قال: أنا على هذا السن وقد دخل الحقل في ذكري من العساكر من لا أحصي، فما رأيت عسكراً أعف من هذا العسكر، ولا انقاد لصاحب الأمر.

  فلما تعسر الأمر من جهة الأمير الكبير شمس الدين وامتنع من الانتصاب للأمر، وهو الذي كان الناس يرجونه، وهو عالم أهل البيت $ وعاملهم، أراد الإمام # أن يتخلى لاكتساب العلم والتفرغ له.

  فلما عزم على ذلك وظهر أتاه سلاطين الجوف وشيوخهم وقالوا له: قد جمعتَنَا، ولولا أنت ما اجتمعنا، وكل واحد منا عنده ثأر لصاحبه في النفوس فما دونها، وقد عزمت على الوقوف، فإن كنت تريد هلاكنا فامض على عزمك هذا.

  فقال لهم: إني آمر معكم إخوتي وكبار الشرفاء.

  فقالوا: ما يحمينا إلا هيبتك، وما بيننا وبين أن يقتل القوي الأضعف، والأكثر الأقل إلا أن تغيب عنا، فإن كنت قد عزمت على اطراح هذا الأمر فأوصلنا إلى بلادنا وبين عشائرنا.

  فلم يرَ الإمام بُداً من القدوم بهم إلى بلادهم، فتقدم معهم، عازماً على الرجوع بعد إبلاغهم مأمنهم.

  فلما وصل الجوف أقام مدة يسيرة والأمور جارية على الاستمرار المعهود، فأصلح الأمور، وساس الجمهور، ولكنه لم يتشدد التشدد الأول.