نهج البلاغة (خطب وكلام أمير المؤمنين أبي الحسن علي بن أبي طالب (ع))،

محمد بن الحسين الشريف الرضي (المتوفى: 406 هـ)

109 - ومن خطبة له # في بيان قدرة الله وانفراده بالعظمة وأمر البعث

صفحة 161 - الجزء 1

  الَّذِي كَانَ يَغْبِطُه بِهَا ويَحْسُدُه عَلَيْهَا قَدْ حَازَهَا دُونَه فَلَمْ يَزَلِ الْمَوْتُ يُبَالِغُ فِي جَسَدِه حَتَّى خَالَطَ لِسَانُه سَمْعَه فَصَارَ بَيْنَ أَهْلِه لَا يَنْطِقُ بِلِسَانِه ولَا يَسْمَعُ بِسَمْعِه يُرَدِّدُ طَرْفَه بِالنَّظَرِ فِي وُجُوهِهِمْ يَرَى حَرَكَاتِ أَلْسِنَتِهِمْ ولَا يَسْمَعُ رَجْعَ كَلَامِهِمْ ثُمَّ ازْدَادَ الْمَوْتُ الْتِيَاطاً بِه فَقُبِضَ بَصَرُه كَمَا قُبِضَ سَمْعُه وخَرَجَتِ الرُّوحُ مِنْ جَسَدِه فَصَارَ جِيفَةً بَيْنَ أَهْلِه قَدْ أَوْحَشُوا مِنْ جَانِبِه وتَبَاعَدُوا مِنْ قُرْبِه لَا يُسْعِدُ بَاكِياً ولَا يُجِيبُ دَاعِياً ثُمَّ حَمَلُوه إِلَى مَخَطٌّ فِي الأَرْضِ فَأَسْلَمُوه فِيه إِلَى عَمَلِه وانْقَطَعُوا عَنْ زَوْرَتِه.

  القيامة

  حَتَّى إِذَا بَلَغَ الْكِتَابُ أَجَلَه والأَمْرُ مَقَادِيرَه وأُلْحِقَ آخِرُ الْخَلْقِ بِأَوَّلِه وجَاءَ مِنْ أَمْرِ اللَّه مَا يُرِيدُه مِنْ تَجْدِيدِ خَلْقِه أَمَادَ السَّمَاءَ وفَطَرَهَا وأَرَجَّ الأَرْضَ وأَرْجَفَهَا وقَلَعَ جِبَالَهَا ونَسَفَهَا ودَكَّ بَعْضُهَا بَعْضاً مِنْ هَيْبَةِ جَلَالَتِه ومَخُوفِ سَطْوَتِه وأَخْرَجَ مَنْ فِيهَا فَجَدَّدَهُمْ بَعْدَ إِخْلَاقِهِمْ وجَمَعَهُمْ بَعْدَ تَفَرُّقِهِمْ ثُمَّ مَيَّزَهُمْ لِمَا يُرِيدُه مِنْ مَسْأَلَتِهِمْ عَنْ خَفَايَا الأَعْمَالِ وخَبَايَا الأَفْعَالِ وجَعَلَهُمْ فَرِيقَيْنِ أَنْعَمَ عَلَى هَؤُلَاءِ وانْتَقَمَ مِنْ هَؤُلَاءِ فَأَمَّا أَهْلُ الطَّاعَةِ فَأَثَابَهُمْ بِجِوَارِه وخَلَّدَهُمْ فِي دَارِه حَيْثُ لَا يَظْعَنُ النُّزَّالُ ولَا تَتَغَيَّرُ بِهِمُ