[دلالة لفظة الولي على الإمامة]
  فإن قال: قد وجدنا انتفاء هذا الإستعمال مع وجود الولاية والقيام بأمر الغير، وثبوته مع انتفاء الولاية، فدل ذلك على أن هذه اللفظة ليست بحقيقة فيما ذهبتم إليه، وذلك أن زوج المرأة لا يوصف بأنه وليها وإن كان قيماً عليها متولياً لأمرها، وبنو العم ليس لهم ولاية على ابنة عمهم في جميع أمورها وإن كانوا أوليائها؟.
  قيل له: هذا الذي ذكرته في نهاية البعد، لأن كل أمر ثبت فيه ولاية الغير فإن ذلك الغير يستحق في اللغة الوصف بأنه وليه على ما بيناه.
  وأما وصف الزوج بأنه ليس ولي المرأة، فإنه لا يمتنع من جهة اللغة، ألا ترى أنه لا يمتنع في اللغة أن يقال زوج هذه المرأة أولى بها وهو وليها، وإن قل استعمال هذه اللفظة من حيث كثر استعماله من جهة الشرع في العصبة، ولا يمتنع أن يكون تجنب استعماله فيه لإزالة اللبس من حيث صارت اللفظة في الشريعة شائعة في العصبة.
  فأما بنو العم فإنهم وصفوا بأنهم أولياء لما كان لهم من ولاية العقد عليها، ولم يمتنع أن يكونوا أولياء في أمر دون أمر، لأن الولاية قد تكون خاصة كما تكون عامة، فليس يجب من حيث كانوا أولياء في أمر أن تكون لهم ولاية في سائر الأمور.
  فإن قال: ما أنكرتم أن يكون المراد بالولي في هذه الآية هو من تلزمنا موالاته ومحبته في الدين على ما وصف الله تعالى به المؤمنين، من أن بعضهم أولياء بعض، وأول الآية تدل على ما قلناه، وهو قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}[المائدة: ٥ ١]، إلى آخر ما ذكرتم ثم قال {إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا} فنهى المؤمنين عن موالاة اليهود والنصارى، وبين أن الواجب عليهم هو موالاة الله ورسوله ÷ وجماعة المؤمنين، الذين من صفتهم أنهم يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهو راكعون، وليس المراد به أنهم يؤتون الزكاة في حال الركوع؟.
  قيل له: لفظة الولي مفيدة للأمرين على وجه الحقيقة، فنحن نحملها عليهما، فنقول: إن المراد به الولاية والموالاة جميعاً، إذ لا تنافي بينهما، وإذا كان هذا هكذا فما ذكره السائل لا يقدح فيما وصفناه.