فصل: في الدلالة على إمامة أبي الحسين زيد بن علي ª، ومن تابعه وسلك طريقه من أئمة العترة $
فصل: في الدلالة على إمامة أبي الحسين زيد بن علي ª، ومن تابعه وسلك طريقه من أئمة العترة $
  اعلم أن أصول المثبتين للإمامة، والقائلين بحاجة الناس إليها - سوى الإمامية - على اختلافهم في الشرائط الموجبة لها تقتضي القول بإمامة زيد بن علي #، لأن الناس في هذا الباب بين قائل بالإختيار والعقد، وبين قائل بالدعوة والظهور، إذا كان الداعي والمختار جامعاً للصفات التي تصلح معها الإمامة وهي الصفات التي بيناها وحصرناها فيما تقدم.
  ولا يعرف من المسلمين من يشك في أنه # كان من الفضل والعلم، والدين والورع، والسخاء والشجاعة، والمعرفة بالسياسة بالمحل الذي يصلح معه أن يكون حاكماً، وصاحب جيش، وقد علمنا أنه كان أولى أهل زمانه بهذا الأمر، لأن المعلوم من حال سائر أهل الفضل في ذلك الزمان أنهم كانوا غير مستحقين للتعرض لبني أمية، ولم يكن لهم هذه المنة، بل لعلهم كانوا يتوقون أخطار هذا الجيش ببالهم فضلاً عن مباشرته والتجرد له، ومن تكون هذه صفته لا يصلح للأمر فضلاً عن أن يكون أولى به من مثله #.
  وعند القائلين بالإختيار: أن الواحد إذا بلغ ممن يصلح للإمامة برضاء أربعة وهم من أهل الحل والعقد، فقد صحت إمامته، وعلى سائر المسلمين الإنقياد له والرضى به، وإن كان فيهم من يثبت العقد بأقل من هذا العدد، وقد بايعه # من فضلاء المسلمين وعلمائهم وفقهائهم عدد لا يحصون، ولولا أن الحال في ذلك أظهر من أن يخفى لذكرنا أعيانهم وفضلائهم بأسمائهم.
  فأما إقامته # الدعوة: فشهرتها تغني عن ذكرها، والغرض بالذي أوردناه أن نكشف عن ظهور الحال في وجوب القول بإمامته على مذاهب أهل العلم أجمعين، من الموافقين والمخالفين سوى الطائفة التي حرمت التوفيق، فليست الزيدية بهذا أولى من المعتزلة، ولا المعتزلة أولى به من غيرها، وعلى هذه الطريقة جرى أمره # في مبايعة الناس، لأنه لما بهر فضله وتقدمه، وظهر علمه وبراعته، وعرف كماله الذي تقدم به أهل عصره، وأبناء دهره، اجتمع طوائف الناس مع اختلاف آرائهم على متابعته، فلم يكن الزيدي أحرص عليها من المعتزلي، ولا المعتزلي أسرع إليها من المرجئي، ولا المرجئي من الخارجي، فكانت بيعته # مشتملة على فرق الأمة مع اختلافها.