[إثبات نزول الآية في علي # والجواب عن الشبه]
  وأما قوله أن المراد به أنهم يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون: فإنه ترك للظاهر وعدول عنه، لأن ظاهر اللفظ يفيد أنهم يؤتون الزكاة في حال الركوع.
  ألا ترى أن القائل إذا قال: صديقي هو الذي يؤثر على نفسه وهو محتاج، فظاهر الكلام يفيد أن صديقه هو الذي يؤثره في حال الحاجة، وكذلك إذا قال القائل: زيد ممن يقاتل وهو راكب، فظاهر اللفظ يفيد أنه يقاتل في حال الركوب، وإذا كان هذا هكذا فما ذهب إليه السائل عدول عن الظاهر من غير دلالة فوجب أن يكون فاسداً.
[إثبات نزول الآية في علي # والجواب عن الشبه]
  فإن قال: قوله تعالى {الذين آمنوا} يفيد لفظ الجماعة، لا يجوز صرفه إلى الواحد، وكذلك قوله تعالى {يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة} هو عبارة عن وجود الفعل في المستقبل، فحمله على الماضي لا يصح؟
  قيل له: استعمال لفظ الجماعة في الواحد تعظيماً له وتفخيماً لحاله أظهر في اللغة من أن نحتاج إلى بيانه، وعلى هذه الطريقة قال الله تعالى {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}[الحجر: ٩].
  وكذلك استعمال لفظ المستقبل في الماضي ظاهر أيضاً وعلى هذا الوجه قال تعالى {كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْراً}[طه: ٩٩]، قال تعالى {وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ}[القصص: ٦]، وإذا كان استعمال ما ذهبنا إليه شائعاً في اللغة ظاهراً فيها بطل الإعتراض لما قال السائل.
  وإن قال: لم صرتم أنتم بأن تحملوا أول الآية على ظاهره وعمومه، وتحملوا الباقي على المجاز على ما ذكرتموه، بأولى منا إذا حملنا أول الآية على بعض ما تحتمله، وحملنا الباقي على ظاهره حقيقة؟.
  قيل له: نحن حملنا أول الآية على ظاهره وعمومه ولم نضفه إلى المجاز، إذ لا دلالة تدل على ذلك، وحملنا الباقي على وجوه ظاهرة في اللغة شائعة، لقيام الدلالة على ما ذهبنا إليه.
  وذلك أن أهل النقل من المفسرين وغيرهم قد أطبقوا على أن أمير المؤمنين # تصدق في حال ركوعه بخاتم فضة فنزلت هذه الآية، فخرج رسول الله عليه وآله وسلم لما رأى ذلك، فلما رأى ذلك السائل قال له: هل أعطاك أحد شيئاً؟. قال: نعم، ذلك المصلي - وأشار إلى أمير