[دلالة لفظة الولي على الإمامة]
دليل آخر: [آية الولاية]
  وقد استدل سلفنا رحمهم الله على إمامته # بقول الله ø {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ}[المائدة: ٥ ٥]، وترتيب الإستدلال بهذه الآية:
  هو أن الله تعالى ذكر فيها من إليه الولاية على الخلق والقيام بأمورهم، ويلزمهم طاعته، ويجب عليهم امتثال أمره ونهيه، فبدأ بنفسه تعالى، ثم ذكر رسول الله ÷، ثم ذكر مِن المؤمنين مَن له صفة مخصوصة، وقد علمنا أن المراد به واحد من المؤمنين، وإن كان اللفظ لفظ الجماعة لقيام الدلالة على بطلان كون الجماعة أئمة في وقت واحد، لأن ذلك خلافاً يؤدي إلى أن يكون الوالي هو غير المولى عليه، والآمر هو المأمور، والمطاع هو المطيع، وإذا ثبت أن المراد بها واحد من المؤمنين، ووصف ذلك الواحد بصفة مخصوصة، وهي كونه مؤتياً للزكاة في حال الركوع، وجب أن يكون ذلك الواحد الذي أريد بالآية، هو أمير المؤمنين صلى الله عليه، لأن كل من ذهب إلى أن المراد بالآية هو إثبات الولاية لواحد من المؤمنين دون جماعتهم ذهب إلى أنه أمير المؤمنين #، إذ لم يدع أحد أن المراد به واحد ممن اختلف في إمامته سواه صلى الله عليه، ولأن الصفة التي وصف هذا المؤمن بها وهي كونه مؤتياً للزكاة في حال الركوع لم يُدَعَ حصولها لأحد ممن اختلف في إمامته سواه #، فثبت بهذه الجملة أن الواحد الذي دلت الآية على ولايته هو أمير المؤمنين #.
[دلالة لفظة الولي على الإمامة]
  فإن قال قائل: لم قلتم إن لفظة الولي تفيد الإمامة؟.
  قيل له: لظهور الحال في اللغة من أن الولي يفيد الولاية، وكل من له ولاية في أمر من الأمور يوصف بأنه ولي ذلك الأمر، وهذا الإستعمال مطرد في اللغة والشرع.
  ألا ترى أن السلطان يوصف في اللغة بأنه ولي أمر الرعية، لما كانت ولاية أمرهم إليه، وعصبة المرأة في الشرع يوصفون بأنهم أولياؤها لما كانت إليهم ولاية العقد عليها، وعصبة المقتول يوصفون بأنهم أولياء للدم لما كانت الولاية في الإستيفاء إليهم والإبراء للقاتل، وهذا أظهر من أن يحتاج إلى إطالة الكلام فيه.