الدعامة في الإمامة،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

[بيان متى يستحق أمير المؤمنين # الخلافة]

صفحة 28 - الجزء 1

  بمنزلة كيت وكيت، لأن هذه الصيغة تفيد أن المخاطب يفيد في المخاطب استحقاق هذه المنزلة، وأنه يظهر لنفسه إقراره عليها، والإعتراف بها، فأما أن تفيد أنها حصلت له من قِبَلِهِ فبعيد، لما بيناه، وظاهر الخبر لا يقتضي بيان جهة استحقاق المنزلة وإنما يعلم ذلك بنظر آخر.

  يبين ذلك: أنه لو كان قوله صلى الله عليه وآله أنت مني بمنزلة هارون من موسى @ يقتضي ظاهره أن هارون # استحق تلك المنزلة من قبل موسى @ لكان استثناء النبوة منها عبثاً أو توسعاً، لأنه قد استثنى من اللفظ ما يشتمل عليه.

[بيان متى يستحق أمير المؤمنين # الخلافة]

  فإن قال: إذا كان الخبر إنما دل على أن أمير المؤمنين # مستحقاً لهذه المنزلة التي كان هارون صلى الله عليه مستحقاً لها، وقد علمنا أن هارون # لم يستحقها بعد موسى #، فيجب أن يكون أمير المؤمنين # غير مستحق لها بعد النبي ÷؟.

  قيل له: هذا بعيد، لأن ظاهر الخبر إنما دل على كون أمير المؤمنين مشاركاً لهارون # في استحقاق هذه المنزلة، لأن تشبيه النبي ÷ بينهما إنما يقتضي هذا القدر، فلا يوجب أن يكون مشاركاً له في مدة استحقاقها حتى إذا خرج هارون # عن كونه مستحقاً لها بأمر طار عليه وهو الموت ولم يطر مثله على أمير المؤمنين # في حال حياة رسول الله صلى عليه [وآله] وسلم أن يشاركه في خروجه مع كونه مستحقاً لها.

  ألا ترى أن إماماً من الأئمة لو نص على آخر فقال هذا خليفتي وولي عهدي ثم مات المستخلف قبله، فقال لآخر قد استخلفت هذا كما كنت قد استخلفت ذلك، لم يوجب هذا أن لا يلي هذا الثاني من بعده كما لم يلِ الأول لتقدم موته، وكذلك لو استخلفت واحداً فتولى خلافته عشر سنين ثم مات، واستخلف آخر وبين استخلافه إياه بأن قال: قد استخلفت هذا كما كنت استخلفت ذلك لم يجب أن تكون خلافة الثاني عشر سنين فقط كخلافة الأول، وإذا كان هذا هكذا ثبت ما قلناه أن الذي دل عليه الخبر إنما هو مشاركة أمير المؤمنين لهارون # في استحقاق المنزلة فقط، وأنه لا يتضمن مدة الإستخلاف، ولا يدل عليها على وجه من الوجوه.