الدعامة في الإمامة،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

[تخلف الإمامية عن الإمام زيد والرد عليهم]

صفحة 152 - الجزء 1

[تخلف الإمامية عن الإمام زيد والرد عليهم]

  ولم يشذ عن بيعته # إلا هذه الطائفة القليلة التوفيق التي قطعت من حبل أهل البيت $ ما أمر الله تعالى به أن يوصل، وفرقت بين عترة نبيه صلى الله عليه وآله في الموضع الذي أمر الله تعالى بالجمع فيه، وانتسبت إلى موالاة أهل البيت $ قولاً وهي بعيدة عنها عقدا وفعلا، إذ أبعدت كافتهم عن أن تصلح لما استصلحهم الله له، من حيث جعلهم معدن الإمامة، ومنصب الرئاسة، وأخرجت أفاضلهم عن الرتبة التي جعلها الله إليهم من استحقاق الإمامة، وسياسة أمر الأمة، فقولهم فيها أسوأ من قول النواصب والحشوية، لأن أولئك يذهبون إلى أن الإمامة تصلح فيهم وفي غيرهم، وهؤلاء يذهبون إلى أنها لم تكن تصلح إلا في نفر معدودين منهم، والآن ومنذ دهر طويل فلا يصح في أحد منهم يعرف شخصه وعينه، وكانوا من قبل يشيرون إلى واحد في كل زمان، ويدعون ورود النص فيه من غير حجة ولا برهان.

  فإذا قيل لهم: من أين علمتم أن هؤلاء منصوص عليهم بأعيانهم؟.

  اعتمدوا في ذلك وجهين ساقطين:

  أحدهما: أن الدلالة قد دلت على ثبوت النص، ولم يدع ذلك غير هؤلاء، و لا ادُّعِيَ لغيرهم، فعلمنا أن النص فيهم دون غيرهم، وهذه الجملة ليس فيها أكثر من دعاوى باطلة، وكذب ظاهر.

  وأما قولهم إن الدلالة قد دلت على ثبوت النص: فهو دعوى قد بينا فسادها، وأقمنا الدلالة على بطلانها فيما تقدم.

  وقولهم إن الذين يشيرون إليهم من خيار أهل البيت $ ادعوا النص: فكذب ظاهر عليهم، وهم براء من هذا القول ومن قائليه، ولذلك قال جعفر بن محمد @ فيما روى عنه يحيى بن زيد @ (إن كنت أزعم أني كما تقولون فأنا مشرك بالله العلي العظيم) في حديث سنورده في آخر الفصل.

  وأما ادعاؤهم أن النص لم يدع لغيرهم: فهو بهت وجحد لما يعلم ضرورة، لأن الكيسانية والإسماعيلية والفطحية ادعت النص لغير هؤلاء النفر المعدودين.