الدعامة في الإمامة،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

فصل: في الدلالة على فساد القول بالإختيار

صفحة 139 - الجزء 1

  بعض من لا يحصل من الإمامية أن الإمامة إذا كانت يستحقها الأبناء بعد الآباء على الطريقة التي يذهبون إليها فهي مستحقة كالأرث، وقد بينا أن قولهم لا يقتضي ذلك.

  فأما ما يدل على أنها لا تستحق جزاء على الأعمال: فهو أنا قد علمنا أن الجزاء على الأعمال هو الثواب، والثواب من حقه أن يكون منافع خالصة من الإمام إذا وقعت على وجه مخصوص، وقد علمنا أن كونه إماماً يقتضي فيه لزوم تكاليف فيها مشقة وشدة فكيف يجوز أن يكون ثواباً.

  فإن قال: إذا كانت الإمامة يقترن بها من التعظيم والإجلال وما يجري مجرى الثواب وجب أن تكون جزاء على ما يذهب إليه؟.

  قيل له: ما يستحقه الإمام من التعظيم و الإجلال إنما يستحقه على التصرف في الأمور التي يعتد بالتصرف فيها، وعلى احتمال المشقة فيها وعلى سائر الطاعة التي يفعلها، وإذا كان إنما يستحق التعظيم على هذا الوجه بطل ما ظنه السائل.

فصل: في الدلالة على فساد القول بالإختيار

  الذي يدل على ذلك: أنا قد بينا فيما تقدم أن الإمامة حكم من أحكام الشريعة، وأن جميع شروطها يجب أن تكون مأخوذة من الشرع، والشرع لم يرد بوجوب اعتبار الإختيار فيها، فيجب أن لا يصح اعتباره، إذ لا فصل بين من يعتبر ذلك وبين من يضم إليه الشرائط الأخر التي لم تدل الدلالة الشرعية عليها، وإذا كان هذا هكذا ثبت بهذه الجملة فساد القول بالإختيار.

  فإن قال: ما أنكرتم أن يكون الشرع قد دل عليه وهو إجماع الصحابة على إمامة أبي بكر من طريق الإختيار؟.

  قيل له: ما أجمعت الصحابة على إمامته قط فقد بينا الكلام في هذا الباب وأوضحناه فيما تقدم.

  فإن قال: قد أجمعت الصحابة على القول بالإختيار؟.

  قيل له: هذا غلط عظيم، لأن اختلافهم في أعيان المختارين إنما وقع من حيث اختلفوا في الإختيار، لأن القائلين بإمامة أمير المؤمنين # إنما اعتمدوا النص الدال على إمامته دون اختياره وهذا قول يبطل ما توهمه السائل.