دليل آخر: وهو خبر الطائر
دليل آخر: وهو خبر الطائر
  وذلك أنه روي أن رسول الله ÷ أهدي له طير مشوي، فرفع يده إلى السماء وقال: «اللهم ائتني بأحب خلقك إليك يأكل معي من هذا الطير» فجاء علي #، فدل هذا الخبر أنه # أحب الناس إلى الله تعالى، إلا من استثناه الدليل، وأحبهم إليه تعالى هو أكثرهم ثواباً عنده، لأن المحبة منه تعالى لا تصح إلا على هذا الوجه.
  فإن قال قائل: ومن أين علمتم صحة هذا الخبر؟.
  قيل له: لاحتجاج أمير المؤمنين # بحضرة جماعة الصحابة يوم الشورى وتركهم نكيره، فكان ذلك دلالة على وقوع العلم به في الأصل.
  فإن قال: ومن أين أنه # أورد هذا الخبر يوم الشورى؟.
  قيل له: كل طريق يعلم بها حال يوم الشورى يعلم بها أيضا إيراده # هذا الخبر، لأن كل من روى قصة الشورى رواه وذكر أن أمير المؤمنين أورد ذلك في جملة ما أورده.
  فإن قال: ما أنكرتم أن يكون الخبر لا يتناول موضع الخلاف، لأن الخلاف إنما وقع في التفضيل بعد رسول الله ÷، ولا يمتنع أن يكون # أفضلهم في ذلك الوقت، ثم يحصل من غيره من زيادة الأفعال ما يساوي ثوابه عليها ثوابه ويزيد عليه؟.
  قيل له: الإجماع قد أبطل التجويز، لأن من قال إنه # كان أفضل الجماعة في حال حياة رسول الله ÷ قال إنه أفضلهم من بعد، فالفصل بين الحالين مخالف للإجماع.
  فإن قال: إذا كان رسول الله ÷ مستثنياً من هذا الخبر، فما أنكرتم ألا يكون له ظاهر؟.
  قيل له: هذا لا يمنع من الظاهر لوجهين:
  أحدهما: أن الظاهر في مقابلة مثل هذا يوجب أن المخاطب لم يدخل فيه.
  والثاني: أنه لو اقتضى دخوله لكان استثناؤه لأجل الدلالة لا يمنع من أن يكون الخبر عاماً في الباقين.