فصل: في بيان مذاهب الزيدية في أصول الإمامة
فصل: في بيان مذاهب الزيدية في أصول الإمامة
  اعلم أن الشرع يترتب على وجه يحتاج فيه إلى الإمام ولا يستغنى عنه والحاجة إليه هي لتنفيذ الأحكام الشرعية دون الأصول العقلية.
  وطريق معرفة الحاجة إليه السمع دون العقل: هذا هو مذهب المحصلين منهم، وهو الذي نختاره، وإن كان فيهم من خالف ذلك، ولا بد في الإمام من اعتبار منصب مخصوص دون سائر المناصب، ولا بد من كون الإمام على صفة مخصوصة معها تجب طاعته وتثبت إمامته، وليس من جملتها أن يكون الإمام مأمون الباطن معصوماً كالرسول هذا هو الذي نختاره وهو مذهب أكثرهم، وإن كان فيهم من خالف في ذلك، ولا بد من أمر متجدد يعتقد به إمامته بعد اجتماع الأوصاف فيه، وليس ذلك النص الجلي على الوجه الذي يذهب إليه الإمامية، أو المعجز، أو الإختيار والعقد على ما يذهب إليه أصحابنا المعتزلة لقيام الدلالة على فساد ذلك، ولا يستحق من جهة الإرث، ولا جزاء على الأعمال، وإنما هو أحد شيئين: إما ورود النص من النبي صلى الله عليه وآله على وجه يؤدي النظر فيه إلى العمل بالمراد، كنصه صلى الله عليه وآله على أمير المؤمنين والحسن والحسين $، وإما الدعوة والنهوض بالأمر، ولا يجوز كون إمامين في وقت واحد، هذا هو مذهب أكثرهم وهو الذي نختاره، وإن جوز بعضهم ذلك، وعندهم أن الإمام إذا عرض له ما لو كان عليه في الإبتداء منع من كونه إماماً بطلت إمامته إلا أن يتوب.
  ومما يتصل بهذا الباب من أصولهم: أن الإجماع من أهل البيت حجة، فمتى اتفقوا على أمر من الأمور لم يجز مخالفتهم فيه.
  وأول من جمع من صفات الإمامة واستوفى شرائطها وقرن الدعوة إليها بعد الحسن والحسين @ هو أبو الحسين زيد بن علي @، ثم ابنه يحيى #، ثم من سلك طريقهما وسار بسيرتهما، وأقام الدعوة، ونهض بالأمر، وتجرد للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومباينة الظالمين، بعد اجتماع الأوصاف فيه، من ولد الحسن والحسين À أجمعين.