[الثاني: خبر الراية]
  عناه # في الجهاد وما لحقه من المشقة فيه، أو حصل من الإنتفاع بفعله أعظم مما وقع من هؤلاء، أو أن يكون قد اقترن بفعلهم ما اقتضى نقصان ثوابهم.
  فإن قيل: ولم قلتم إنه # كان مقطوعاً على مغيبه، مأمون السريرة في الكبائر، فإنكم بنيتم الدلالة على هذا الموضع.
  قيل له: أكثر شيوخنا المعتزلة قد وافقونا على ذلك، وحملوا قول النبي ÷ «من كنت مولاه فعلي مولاه» على هذا الوجه.
[الثاني: خبر الراية]
  ومما يدل على ذلك: قول النبي ÷ «لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله» وأخبار النبي ÷ بأن الله ورسوله يحبانه يوجبان القطع على مغيبه.
  وهذا الخبر قد اجتمع أهل العلم على قبوله، لأنه قد ظهر نقله واستدلال الشيعة والمعتزلة به، ولم ينكره أحد من المخالفين، وإنما نازعوا في الإستدلال به على التفضيل.
  وقد ثبت أيضاً أن أمير المؤمنين # أورده يوم الشورى بحضرة جماعة الصحابة، فلم ينكره أحد منهم، فيجب أن تكون الحجة قامت به، وقطع على صحته.
  فإن قيل: ما أنكرتم أن يكون أمير المؤمنين صلى الله عليه وآله قد وقع منه الصغائر على الأيام ما اقتضى نقصان ثوابه، فلا يجب القطع إلى أن ثوابه أكثر من ثواب الجميع لأجل ذلك الفعل؟.
  قيل له: هذا التجويز قد منع منه الإجماع، لأن كل من قال إنه # أفضل الصحابة في وقت من الأوقات، قال إنه أفضل منهم في سائر الأوقات، فالقول أنه # كان أفضل منهم في وقت دون وقت مخالف للإجماع، وهذا التجويز يؤدي إليه فوجب أن يكون فاسداً.
  فإن قال: ما أنكرتم أن ما كان من أبي بكر وعمر من العناء في باب الجهاد لم ينقص عما كان منه # من حيث أشارا فيه، ودلا على مصالحه، وثبتا في مواضعه، وليس عظم العناء في الجهاد هو