الدعامة في الإمامة،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

[سبب تأخر علي # عن حضور السقيفة]

صفحة 52 - الجزء 1

[سبب تأخر علي # عن حضور السقيفة]

  فإن قال: لِمَ لَمْ يبادر # إلى السقيفة قبل وقوع العقد ليورد حجة نفسه وينازع كما نازعت الأنصار، وكما نازع سعد بن عبادة من بينهم؟.

  فالجواب: أنه ÷ تأخر عن ذلك الموضع لاشتغاله بالغرض الأعظم الذي اشتغل عنه شيوخ الصحابة وهو تجهيز النبي صلى الله عليه وآله والقيام بأمره، ولا يمتنع أن يكون له # غرض آخر في التأخر، وهو أن يكون # أحسن الظن بالقوم وقَدَّرَ أنهم لا يقدمون على العقد، وإبرام الأمور دون حضوره، ويعلمون أن أمراً يبنى على الإختيار لا خير فيه مع ترك مشاورته ومراجعته، والإستبداد به دونه، وظن أن غيبته عن الموضع من أوكد الأسباب في امتناع القوم عن إبرام العقد انتظاراً لحضوره، وتوقفاً لما يراه ويقوله، ولم يعلم أن أكثر القوم ينتهزون الفرصة في غيبته.

  وجملة ما يجب أن يحصل في الجواب عن هذا السؤال: أن إظهار الأدلة إنما يجب لوجهين:

  أحدهما: التمكين للمكلف من النظر فيها.

  والثاني: أن تُعلم، أو يَعلم أو يغلب على الظن أن تكريرها على أسماعهم يكون داعياً لهم إلى النظر فيها، وأمير المؤمنين # لم يجب عليه إيراد هذه الأدلة للوجه الأول، لأن رسول الله ÷ قد نصبها وأزاح العلة فيها.

  ولم يجب ذلك للوجه الثاني: أيضاً لأن إقدام القوم على ما أقدموا من ترك مشاورته في الأول، وإلزامه الدخول فيما دخلوا فيه في الثاني، دل ذلك على أنهم لم يبسطوا لسماع هذه الأدلة والنظر فيها، فلذلك لم يوردها # في هذه الحال، ولما أدخل في الشورى وسمع منه بالغ في الإيراد وأوضح واستقصى وهذا بين بحمد الله تعالى.