[الدليل على إمامته # وذكر بعض فضائله]
  وانقياد جماعتهم للسابقين منهم، وأن أمرهم كان بمعزل عما يدعيه المتشدقة بالتعصب، والمتأكلة بالدين، وإذا قد فرغنا مما أردنا بيانه في هذا الباب فنحن نجرد الدلالة على إمامة زيد بن علي $، ونبنيها على الأصول الصحيحة التي قدمناها، ودللنا عليها.
[الدليل على إمامته # وذكر بعض فضائله]
  فالذي يدل على إمامته #: أنا قد بينا فيما تقدم أن من كان من أحد البطنين، وجمع الصفات التي تصلح معها الإمامة، وأقام الدعوة، يوجب أن تكون إمامته ثابتة، وطاعته على جماعة المسلمين في كل عصر لازمة.
  فإن قال قائل: قد ذكرتم في جملة خصال الإمامة أن الإمام يجب أن يكون أفضل هل عصره أو كأفضلهم فما الذي يدل على أن زيداً # كان بهذه المنزلة؟.
  قيل له: الطريقة التي تدل على أن أمير المؤمنين # أفضل الصحابة، تدل بعينها على أن زيداً # كان أفضل العترة $، لأنا قد علمنا أنه كان مشاركاً لجماعتهم في خصال الفضل ومتميزاً عنهم بوجوه لم يشاركوه فيها:
  فمنها: اختصاصه # بعلم الكلام، الذي هو أجل العلوم وطريق النجاة، والعلم الذي لا ينتفع بسائر العلوم إلا معه، والتقدم فيه، والإشتهار به عند الخاص والعام، هذا أبو عثمان الجاحظ يصفه في صنعة الكلام ويفتخر به، ويشهد له بنهاية التقدم فيه، وجعفر بن حرب يصفه في كتاب الديانة وكثير من معتزلة بغداد كمحمد بن عبدالله الإسكافي ونحوه ينتسبون إليه في كتبهم ويقولون نحن زيدية، وحسبك في هذا الباب انتساب المعتزلة إليه مع أنها تنظر إلى سائر الناس بالعين التي تنظر بها ملائكة السماء إلى أهل الأرض مثلاً، فلولا ظهور علمه وبراعته وتقدمه # كل أحد في فضيلته لما انقادت المعتزلة له، وإذا أردت تحقيق ما قلناه فسم بعض تلامذتهم أو متوسطيهم إلى أن ينتسب إلى غيره من أهل البيت $ ممن بعده، ممن لا تحصيل له في رتبة زيد بن علي # لتسمع منه العجائب.
  ومنها: تمييزه عن جماعتهم بفضل الفصاحة والبيان، وحسن مواقعة الخصوم الذي لم يشاركه فيه أحد منهم.