الدعامة في الإمامة،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

فصل: في أن الإمامة لا تستحق على وجه الإرث ولا جزاء على الأعمال

صفحة 138 - الجزء 1

  قيل له: لو ثبت أن الله تعالى تعبدنا بتصديق الأئمة من حيث كانوا أئمة لكان للسؤال مساغ، فأما وقد دلت الدلالة على فساد ذلك فلا فائدة في ذكره.

  فإن قال قائل: أتقولون إن الدلالة إذا دلت على أن الله تعالى تعبد بتصديق واحد ليس بنبي فكان يجوز ظهور العلم عليه كما تذهبون إليه في أمير المؤمنين صلى الله عليه؟.

  قيل له: هذه الدلالة لا تدل على أن من لا يلزمنا تصديقه لا يجوز ظهور العلم عليه من الأئمة وغيرهم، فأما من دلت الدلالة على أنا تعبدنا بتصديقه سوى الأنبياء À أجمع فإنا نعلم امتناع العلم عليه بالدليل الأول، إلا أن الدليلان جميعاً قد دلا على أن الأئمة $ من حيث كانوا أئمة لا يجوز ظهور المعجز عليهم، وهذا موضع الخلاف بيننا وبين الإمامية، فالدليلان جميعاً قد دلا على فساد قولهم.

فصل: في أن الإمامة لا تستحق على وجه الإرث ولا جزاء على الأعمال

  اعلم انه لا خلاف بين المحصلين من فرق المسلمين - الذين ذهبوا إلى حاجة الناس إلى الإمام - أن الإمامة لا تجري مجرى الإرث الذي من حقه أن يكون مقسوماً بين الورثة، ألا ترى أن قول أصحاب الإختيار لا يقتضي ذلك، وقول الزيدية القائلين بأن الإمامة تثبت بالدعوى بمعزل عن ذلك، وقول أصحاب النص لا يوجبه أيضاً، لأن المستحق للإمامة عندهم من أولاد الإمام هو الواحد الذي تناوله النص فيه دون غيره.

  ألا ترى أن عند الإمامية أنه يستحق الإمامة من أولاد علي بن الحسين محمد دون زيد وغيره $ لتناول النص بزعمهم إياه دون غيره، فلم تجري الإمامة في كونها مقسومة بين أولاده مجرى الإرث، وهكذا مذهب القائلين بالنص على العباس وأولاده، لأنهم قالوا إن الإمامة مقصورة بعد العباس على عبدالله دون سائر أولاده وعلى علي بن عبدالله بعده دون سائر أولاده، وعلى محمد بن علي بن عبدالله دون سائر أولاده، وإذا كان هذا هكذا بان أن هذا القول ليس هو مما ذهب إليه أحد من المحصلين، وإنما أطلق هذا القول من طلب التقرب إلى خلفاء بني العباس، فقال العباس أولى بمكان رسول الله صلى الله عليه وآله من بني أمية وبني عمه، لأن العم أولى بالإرث من هؤلاء، وظن