الدعامة في الإمامة،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

[اجتماع خصال الفضل في علي # وتفرقها في غيره]

صفحة 95 - الجزء 1

  «زوجتك أقدمهم سلماً، وأكثرهم علماً» ولما جاز أن يذكره # في خطبته في حضرة الجماعة منبهاً به على كونه أفضل منهم.

  ومنها: أن ذلك الإسلام كان إسلام نشو وإلف، بهت عظيم، لأن الدار التي نشأ فيها # دار كفر، ولم يكن قد شاهد من أهله وعشيرته وإخوته من أظهر الإسلام فيتلقنه عنه، فيا ليت شعري على أي وجه وقع هذا النشو والإلف؟.

  ومنها: أن الحال إذا تأملت في مبلغ عمره #، ومدة مقامه بالكوفة وبمكة وبالمدينة، وإلى أن استشهد # علم أنه أسلم وله ثلاثة عشر سنة أو أكثر.

  ويدل على ما ذكرناه: قوله # في خطبته المشهورة (زعمت قريش أن ابن أبي طالب رجل شجاع، ولكن لا رأي له في الحرب، لله أبوهم من أعرف بها مني وقد داولتها ولي دون العشرين وها أنا قد أزمنت على الستين، ولكن لا أرى لمن لا يطاع) وإنما قال # قبل موته بمدة طويلة، والصحيح في مبلغ عمره أنه ما بين خمس إلى ست وستين، وهذا يوجب أن يكون له في حال إسلامه أكثر من ثلاث عشرة سنة، والعادة جارية بأن الإنسان يبلغ في دون هذه المدة، وبعض الأخبار تقضي أنه أسلم وله خمس عشرة سنة.

  ومن أعجب الأمور ما أورد هذا المتعدي وهو قوله: إنه أسلم وله تسع، فانظر إلى خذلان الله تعالى من يعاديه ويعادي رسول الله ÷ وأهل بيته، وإلا فكيف يخفى على من نظر في العلم أن هذا القول هو ترك لجميع ما ورد به النقل، وأخذ بما لم ينقل فيما لا سبيل إلى معرفته إلا بالنقل، وما أعلم أحداً جوز المصالحة على مبلغ العمر غير هذا المعتدى.

[اجتماع خصال الفضل في علي # وتفرقها في غيره]

  فأما اختصاصه # باجتماع خصال الفضل فيه مع تفرقها في غيره: فَبَيِّنٌ أيضاً، إذ لا خلاف في تقدمه # في جميع خصال الفضل، التي هي كالعلم بالله تعالى وبأصول الدين وفروعه، وكالزهد والتقوى والخشوع، وقلة الرغبة في الدنيا، وكالشجاعة وعظم العناء في الجهاد والمصابرة فيه والمداومة عليه، والدفع عن الإسلام والمسلمين، وكالعلم بالسياسيات ووجوه الرأي