الدعامة في الإمامة،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

[إبطال الإحتجاج بقوله تعالى {ستدعون إلى قوم} على إمامته]

صفحة 60 - الجزء 1

  يليق بالواعظين، وأولى من هذا بالحق وأقربه إلى الصواب ما حكي عن بعض الشيعة أنه كان يقول: إن في ضم رسول الله صلى الله عليه وآله أبا بكر وعمر إلى جيش أسامة بن زيد، وأمره إياهما بالخروج عن المدينة في المرض الذي قبض فيه، وحثه على ذلك وتأكيد القول منه، حتى روي أنه صلى الله عليه وآله كان يقول متى أفاق: «جهزوا جيش أسامة وأصحابه» ولما أتاه أسامة مستأذناً له في الإقامة إلى أن ينكشف مرضه صلى الله عليه وآله لم يأذن له في ذلك، وجزم عليه في الخروج دلالة واضحة على أنه صلى الله عليه قصد بذلك إنفاذهما عن المدينة لئلا يكون منهما عقيب موته ÷ سعي في صرف الأمر عن خليفته #.

[إبطال الإحتجاج بقوله تعالى {ستدعون إلى قوم} على إمامته]

  شبهة: قالوا يدل على إمامته قوله تعالى {قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ مِنَ الْأَعْرَابِ سَتُدْعَوْنَ إِلَى قَوْمٍ أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَاتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ فَإِنْ تُطِيعُوا يُؤْتِكُمُ اللَّهُ أَجْراً حَسَناً وَإِنْ تَتَوَلَّوْا كَمَا تَوَلَّيْتُمْ مِنْ قَبْلُ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً}⁣[الفتح: ١ ٦].

  وذلك أن هذه الآية دلت على أن دعاء الداعي بعد رسول الله ÷ حق، وأن إجابته واجبة، لأنه تعالى أخبر بأنهم إن أطاعوه أثابهم وإن خالفوه عاقبهم، وهذه صفة الواجب، فوجب أن يكون هذا الداعي إماماً، لأنه لو لم يكن إماماً لم تجب إجابته إذا دعا ولا وجبت المجاهدة معه، وأول دعاء وقع إلى القتال بعد رسول الله صلى الله عليه وآله هو دعاء أبي بكر، لأنه دعا إلى قتال أهل الردة، وإلى قتال الروم.

  مع أن المفسرين اختلفوا في المراد بهذه الآية: -

  فمنهم من قال: أراد بها قتال الروم.

  ومنهم من قال: أراد بها قتال الفرس، وأحدهما دعا إليه أبو بكر والآخر دعا إليه عمر، فالأصل فيه أبو بكر، وإذا كان هذا هكذا وجب أن تكون هذه الآية دالة على إمامته؟.

  جوابها: يقال لهم هذه الآية لا ظاهر لها في الإمامة على وجه من الوجوه، إذ ليس فيها أكثر من الدعاء إلى القتال، وأنه من المخلفين من الأعراب، وأنهم إن أطاعوه أثابهم الله أجراً حسناً، وإن يتولوا