تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

ومن سورة طه

صفحة 314 - الجزء 1

  الناس من أحسن ما يكون من الفعل، الذي يعرفونه ويفهمونه بينهم، فكيف لا تقدر أن تأمرهم بما لا يفعلونه من عبادة هذا العجل، الذي جعلته إلها، فظلت عليه عاكفا، ومعنى {ظَلْتَ عَلَيْهِ} فهو: ظلت له عابدا، {عَاكِفًا لَنُحَرِّقَنَّهُ} يقول: لنطرحنه في النار حتى يذوب ويحترق، {ثُمَّ لَنَنْسِفَنَّهُ فِي الْيَمِّ نَسْفًا ٩٧}. وإنما أراد بإحراقه صلى الله عليه أن يخبر السامري ومن أطاعه، أن هذا شيء ذليل يُحرق ويُنسف في البحر، فكيف يجوز أن يكون من يفعل به هذا ولا ينتصر للخلق إلها؟! هذا لا يكون أبدا، ولا يتوهمه إلا غير ذي هدى!

  ١٤٨ - وسألت: عن قول الله تبارك وتعالى لهارون وموسى @: {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى ٤٣ فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ٤٤}⁣[طه: ٤٣ - ٤٤] فقال: ما معنى قوله: {لَعَلَّهُ}؟ ولعله لا يقع إلا شاك، لا يحيط مما يريد علمه؟!

  قلنا له: جهلك باللغة دلاك في جور الجهالة، ألا ترى أن العرب، يقول قائلها لغلامه: خذ هذه الدنانير، عساك أن تشتري بها طعاما لنا، ويقول: خذ هذا الطعام عساك أن تأكله، وهو يعلم إذا ذهب بالدنانير أن يشتري بها طعاما أنه سيشتريه، وإنه إذا أخذ الطعام أنه سيأكله، فقال: لعل، وهو يعلم أنه سيفعل، فعلى ذلك يخرج معنى قول الله {لَعَلَّهُ} في لغة العرب.