تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

تفسير سورة المدثر

صفحة 359 - الجزء 2

تفسير سورة المدثر

  

  قال الله ø: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ١}، المنادى ها هنا والمناجى: محمد صلى الله عليه وعلى آله، والمناجاة فهي النداء: والمدثر فهو: الملتحف، والإلتحاف: فهو طرح الثياب على الإنسان عند اضطجاعه.

  {قُمْ فَأَنْذِرْ ٢}، فالمأموربالقيام هو: رسول الله صلى الله عليه على آله، ومعنى {أَنْذِرْ} أي: بَلِّغ وأخبِر، وتقدم إليهم وأَدِّ الحجة التي أُمِرتَ بأدائها، وبسبب تَدَثُّر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله أن الوليد بن المغيره المخزومي لعنه الله جمع قريشا إلى دار الندوة ثم قال: يا معشر قريش إن هذا الإنسان قد ادعا ما ادعا، والعرب تفد عليكم، وتأتي بلدكم، فلا يزال السائل يسأل عنه بعضكم فيقول شيئا، ويسأل آخرفيقول له شيئا آخر فاشتوِرُوا وأَجِمعُوا له أمركم وكلمتكم، حتى يكون قولكم فيه قولا واحدا، فما تقولون أنه؟ قال بعضهم: مجنون، فعبس في وجهه، ثم قال: ليس هذا بقول، وليس هو وأبيكم بمجنون، فقال بعضهم: شاعر، فقطب وجهه أيضا، وقال: ليس هذا بشاعر، قد صغنا الشعر وقلناه، فليس هذا على مجراه، فقالوا: [كاهن، فقال:] ولا بكاهن، ليس يغبى على العرب الكاهن، فقال بعضهم: ساحر، فقال لهم: وما الساحر؟ وما يعمل؟ فقالوا: يفعل فعلا يفرق به بين المرء وزوجته، ويحبب المبعض، ويبغض الحبيب، فقال: هذا إذاً قد والله يفعل محمد ذلك، فأجمعوا كلمتكم على أنه ساحر، فخرجت قريش من دار الندوة فلم يلق أحد منهم رسول الله # إلا قال: يا ساحر، فاشد ذلك عليه صلى الله عليه وعلى آله، فخرج حتى أتى منزله فطرح نفسه، وتَدَثَر بلحافه من شدة الغم، وما