تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

ومن سورة آل عمران

صفحة 163 - الجزء 1

ومن سورة آل عمران

  ٣٥ - وسألته: عن قول الله تبارك وتعالى: {وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ٥٤}⁣[آل عمران: ٥٤] فكيف المكر فيهم، وكيف المكر من الله بالماكرين؟

  فقال: أما مكر العباد فهو: ما يخفون ويضمرون، من إرادة المكر لمن به يمكرون، وستر ما يريدونه، من الغوائل لمن يغتالونه، فهذا المكر من الآدميين.

  وأما المكر من الله فهو: عليه بما يضمرون، والإطلاع على ما يخفون ويعلنون، فأخبر الله أنه يعلم ذلك فيهم من قبل أن يفعلوه، ويطلع على خفي ما يخفونه في أنفسهم قبل أن يبدوه، فليس أحد يعلم علمه، ولا يطلع على شيء من إرادته، تعالى رب العالمين، الذي لا يحتاج إلى النية والضمير، في الصغير ولا في الكبير.

  ٣٦ - وسألت: عن قوله سبحانه: {تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ}⁣[آل عمران: ٢٦]؟

  والملك هاهنا الذي يؤتيه من يشاء فهو: جبايات الدنيا وأموالها، والذين يشاء أن يؤتيه إياهم فهم الأنبياء، ثم الأئمة من بعدهم، والذين يشاء أن ينزعه منهم فهم أعداؤه، من جبابرة أرضه.

  ومعنا {تُؤْتِي الْمُلْكَ} فهو: الحكم بالملك لهم À، فمن حكم له بالنبوة أو بالإمامة حكما، وأوجب له الطاعة على الأمة باستحقاقه لذلك الموضع إيجابا، فقد آتاه الله الملك، لأن الملك هو: الأمر والنهي والجبايات والأموال التي تقبض، التي بها قوام العساكر، واتخاذ الخيل والرجال والسلاح، وجميع أداة