تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

تفسير سورة المزمل

صفحة 345 - الجزء 2

تفسير سورة المزمل

  

  قال الله سبحانه، وجل عن كل شأن شأنه: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ ١}، والمزمل فهو: الملتحف بلحافه، المتدثر في مضجعه، والمزمل معناها ومعنى المدثر سواء، وهذا أمر من الله سبحانه لنبيئه صلى الله عليه آله هو الذي كان في ذلك مزملا.

  ثم قال سبحانه: {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا ٢ نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا ٣}، ومعنى {قُمِ اللَّيْلَ} أي: قم لصلاتك المفروضة عليك في الليل، ومعنى {إِلَّا قَلِيلًا ٢} فهو: دليل على وقت الصلاة، يقول سبحانه: صل إن كنت في أمر يعوقك عن صلاة العتمة إلى أن تدخل في الثلث الآخر صلاة فرضك، فإن ذلك وقت لها مع ما يكون من شاغل شغلك، الذي يعوقك عن صلاتك.

  ثم قال: {نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا ٣} يقول: أو دون النصف في أول الليل، ثم قال: {أَوْ زِدْ عَلَيْهِ} يقول: أو زد على النصف إن لم يمكنك أن تصلي قبل انتصاف الليل، فصلها بعد انتصافه، وهذا فرحمة من الله سبحانه لعباده، ورخصة لمن شغله شاغل لا يجد منه بدا ولا مخلصا ولا مندفعا، فأخبر سبحانه إن أخر الليل وبعد نصفه وقبل نصفه، وقت لما افترض من صلاة أوله، إذا كان المؤخر لها عن أول الليل أَخَّرها لعذر بَيَّن صحيح، من مرض فادح، أو عرض شاغل، أو خوف أو هرب، أو مصآفة عدو، لا يقدر على الصلاة مع مقارنته، وخشية فتكه وغايلته، فأخبر سبحانه أن هذه الأوقات من الليل كلها وقت لصلاة الليل المفروضة فيه،