تفسير سورة الحاقة
تفسير سورة الحاقة
  
  قول الله تبارك وتعالى: {الْحَاقَّةُ ١ مَا الْحَاقَّةُ ٢}، معنى {الْحَاقَّةُ ١} فهي: النازلة العظيمة التي تحق بأهلها، وتصيبهم وتواقعهم ولا تخطئهم؛ لأن العرب تقول للشيء إذا أصابه السهم: حَقَّه، وأصاب حاق وسطه، تريد: لم يخطئه ولم يعدل عنه، بل أصاب الذي طلب وقصد منه، معنى قوله: {مَا الْحَاقَّةُ ٢} فهو: تعظيم منه سبحانه لها، وإخبار بجليل ما يحق بأهلها.
  {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ ٣}، يقول: ما أعلمك ما هذه الحاقة؟ يريد: إنك لا تعلم منها إلا ما أعلمناك، ولا تطلع من شدتها إلا على ما أطلعناك؛ لأن الله سبحانه لا يقول لنبيئه صلى الله عليه وعلى آله في شيء: ما أدراك ما هو؟ إلا وهو أعظم ما يكون من الداهية، وأشد ما يكون من النازلة الصائبة.
  {كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعَادٌ بِالْقَارِعَةِ ٤}، فأخبر سبحانه بتكذيب ثمود وعاد بالقارعة، والقارعة فهي: النازلة التي تقرع الشيء وتصيبه، وتنزل به وتهلكه، وثمود وعاد فهما قبيلتان من أولاد نوح صلى الله عليه، عتتا وطغتا، وكذبتا بما أنذرتا به من القارعة التي قرعتها، وحلت بهما عند تماديهما، فأهلتكتهما.
  ثم أخبر سبحانه بما أهلكهما به على عصيانهما، فقال ø: {فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ ٥}، ومعنى الطاغية فهو: ما كان من طغيانهم، بعصيان ربهم،