تفسير سورة الإنسان
تفسير سورة الإنسان
  
  قال الله تبارك وتعالى: {هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا ١} فمعنى {هَلْ أَتَى} أي: قد أتى، ومعنى {حِينٌ} فهو: الكثير الطويل من الدهر، {لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا ١} يقول: لم يكن شيئا يذكر في هذا الدهرالذي غبر، حتى خلقناه من بعد طول الدهور وكوناه، والمعنيُّ بذلك فهو: جميع الناس الذين خلقوا من بعد أن لم يكونوا، فأراد الله تبارك وتعالى بذكر ذلك الإخبار لهم بأنه قد كون أولهم من بعد العدم، إذ لا شيء من الأشياء، ثم صور آخرهم فيما قدر من الماء المهين، فكلٌ كان ووجد وخلق وقدر بعد العدم الطويل.
  ثم قال: {إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ} ومعنى {إِنَّا} هو: نحن، ومعنى {خَلَقْنَا} هو: أوجدنا وصورنا وجعلنا، وقدرنا الإنسان من نطفة، والنطفة فهو: المني، والمني: الماء الذي يخرج من الرجل عند جماعه فيقع في الرحم، ويخلقه الله ما يشاء من الذكر والانثى.
  {أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ} والأمشاج فهي: الأوصال الموصلة، والأعضاء المفصلة، والقطع المتلائمة، المضموم بعضها إلى بعض، والمعلق كل شيء منها في شيء، تدبيرا من الرحمن، في تأليف ما ألف من الإنسان، {نَبْتَلِيهِ} أي: نختبره ونمتحنه بما يرى من أثر تأليفنا وتقديرنا لخلقه، لننظر كيف يكون شكره على ذلك، لمن فطره وجعله كذلك.
  {فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا ٢} يقول: خلقناه ذا سمع يسمع به، وذا بصر