تفسير الإمام الهادي يحيى بن الحسين (ع)،

الهادي يحيى بن الحسين (المتوفى: 298 هـ)

ومن سورة الروم

صفحة 369 - الجزء 1

ومن سورة الروم

  ١٨٢ - وسألته: عن قول الله سبحانه: {وَهُوَ الَّذِي يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ وَلَهُ الْمَثَلُ الْأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ...} إلى قوله: {كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ٢٨}⁣[الروم: ٢٧ - ٢٨]؟

  فقال: معنى قوله: {وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} يخبر تبارك وتعالى أن من عمل شيئا وابتدعه، فأعاده إلى الصورة التي ابتدعها مرة ثانية، أهون عليه من ابدائها واختراعها أولا، وإنما هذا مثلٌ ضربه الله للخلق مما يعقلونه ويفهمونه من أفعالهم، لا أن شيئا يمتنع على الله، ولا أن شيئا أصعب عليه من شيء، {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ٨٢}⁣[يس: ٨٢].

  فأما قوله: {هَلْ لَكُمْ مِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ شُرَكَاءَ فِي مَا رَزَقْنَاكُمْ فَأَنْتُمْ فِيهِ سَوَاءٌ تَخَافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ}⁣[الروم: ٢٨] فإنما هذا مثل مثَّله الله للخلق، يريد سبحانه: إن كان يجوز أن تكونوا أنتم ومماليككم في أموالكم وفيما رُزقتموه سواء، أمركم وأمرهم، وإرادتكم وإرادتهم، حتى تخافوهم في أموالكم فيما تنفقون، وتقبضون وتبسطون، كما يخاف بعضكم بعضا في ماله، فقد يجوز أن تكونوا