[قوله # رب مستقبل يوما ليس بمستدبره ... إلخ]
  وعجز عن إسماع أهله صوت الألم ففارقت روحه جسده فاجتمع الناس حوله يفكرون في حقارة الدنيا وسرعة زوالها، فاتجه منهم فريق لحفر قبره وآخر لغسله وتكفينه، ولم تأت الظهيرة إلا وقد دفن في قبره، فصار ذلك اليوم الوحيد في أيامه؛ لأنه استقبله ولم يستدبره، رأى صباحه ولم ير مساءه؛ فإنا لله وإنا إليه راجعون.
  ثم لفت # النظر إلى من يموت في ليله بقوله #: (ومغبوط في أول ليله قامت بواكيه في آخره) لا إله إلا الله! يا لها من كلمة تحيي قلوب أموات الأحياء.
  يأتي الليل على من كتبت لهم الوفاة في تلك الليلة من المترفين، الأموال بحوزتهم، والنساء الناعمات بائتات في منازلهم وأولادهم كذلك أسباب معائشهم متوفرة وحياتهم كلها منتظمة، وإذا بالضيف الموعود به قد أتى فدخل بدون استئذان، فأول ما هرب من بيت ذلك المغبوط الأمان وحل محله الخوف يتلفت بفكره يميناً وشمالاً هل من أعوان ينقذونه، أو قرابة يستفدونه؟! هيهات إن دون ذلك خرط القتاد، فلما أيس استسلم فأخذ ملك الموت # في مهمته التي كلف بها وهي قبض روحه ونزعها من بين اللحم والعظام والدم، والأعصاب فصحت الأسرة من منامها لصياحه ونادوا جيرانه وأرسلوا إلى أقاربه، فلما تكاملوا