جواهر من كنوز الوصي،

عبد الله بن علي القذان (معاصر)

[قوله # رب مستقبل يوما ليس بمستدبره ... إلخ]

صفحة 124 - الجزء 1

  خرجت روحه من جسده، فغط البيت بالبكاء والعويل، والصياح والتهويل؛ فتحول من كان يغبط على ما هو فيه إلى مرحوم، ومن كان يحصل على ما أراد من الأسرة إلى محروم، فإنا الله وإنا إليه راجعون، ما أكثر العبر وأقل الاعتبار.

  فقد وعظ بهاتين العبارتين سلام الله عليه ورضوانه كل من على وجه البسيطة، غير أن الأمر كما قال الشاعر:

  لقد أسمعت لو ناديت حياً ... ولكن لا حياة لمن تنادي

  فالعاقل اللبيب من يحذرها قبل أن تقع، فالغفلة لا تجتمع مع ذكر الموت، فمن أراد أن يجعل له زاجراً من نفسه ورادعاً من قلبه فلا ينس ذكر الموت، ومن أراد أن يبارك الله له في عمله ويطول أجله فلا يتغافل عن ذكر الموت؛ لأنه بذكر الموت يبادر إلى الأعمال الصالحة، يحسن صلاته، ويؤدي زكاته، ويبر والديه، ويصل أرحامه، وتتقاصر عنده الآمال، وبذكر الموت يذكر وحشة القبور وأفزاع يوم النشور ودقة الحساب، وقبل ذلك كله مفارقة الأحباب والأصحاب.

  فيحق لمن أيقن بالموت والحساب أن تطول حسرته ويكثر تلهفه على ماضي عمره، وبعدها يشمر في كسب الغنائم من الطاعات والتخلص من الحقوق، وصلة من كان يقطعهم، فبقية العمر لا ثمن له، كما قال سيد المرسلين ÷.