[في عجيب خلق أصناف من الحيوانات]
  جسمه إذا أراد أن يصعد أو يهبط أو يتجه يميناً أو يساراً وكيف يتصرف مع الرياح العاتية ولقد رأيت عجباً عندما عاينت حمامة عبرت من بين أسراب الجراد المنتشر وكيف تتصرف فلم تصل جرادة إلى جسمها، ولقد رأيت جسمها يتمايل أسرع من طرف العين أو يقاربه؛ فسبحان من خلق فسوى وقدر فهدى.
  دع عنك إلهامها لمصالحها وما كساها به بارئها من جميل الألوان التي تروق لكل ناظر لا تبلى ولا تتغير إلى نهاية أعمارها ينطلق الطائر في أقصى طيرانه فإذا أحس بخطر في طريقه مال أسرع من حركة يد الإنسان يطير في السماء وهو ينظر يميناً ويساراً بما أعطاه الله من القدرة لتحريكه رأسه دون سائر جسده ولقد أوضح ربنا سبحانه وتعالى عن عظيم قدرته في كل حيوان يطير بقوله تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ ١٩}[الملك]، ومن عجيب قدرته تمكينه سبحانه وتعالى للصقور وغيرها من السرعة الفائقة عندما تشاهد فريستها فما هو الشيء الذي يُمَكِّنها من تلك السرعة؟ إنها قدرة أقدر القادرين سبحانه وتعالى.
  وقوله #: (لرجعوا إلى الطريق، وخافوا عذاب الحريق) لأن من نظر في صنع مخلوقاته علم بقدرة الله البالغة وعلمه