[قوله #: من نظر في عيب نفسه اشتغل عن عيب غيره]
  شهادة تلك الجوارح {وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ٢١}[فصلت]، فهذه النصيحة من أمير المؤمنين # دواء ناجح تدحر الشيطان وترضي الرحمن يسلم صاحبها من تبعات المعاصي، وبهذه الطريقة ينظف صحيفته كما ينقي الحريص على النظافة ثوبه.
  قوله #: (من رضي برزق الله لم يحزن على ما فاته) سبحان الله العظيم ما أخفها على اللسان وأثقلها في الميزان، لا يرضى برزق الله من صميم فؤاده إلا من حطت المعرفة رحلها في قلبه، وفي الحديث: «لن يكون المؤمن مؤمناً حتى يكون أوثق بما عند الله مما في يده»، ولا يرضى بما قسم له إلا من جسم النعم حتى كبرت.
  نعم، يأكل لقمة عيشه جافة وقد حاز العافية والأمن والستر والسلامة يرى غيره من الموسعين في الدنيا قد طحنه البلاء يركض بماله وراء العافية وهو على فراشه نائم لو عرضت عليه الصفراء والبيضاء من الذهب والفضة ويفقد العافية مثل ما فقدها ذلك الغني لتنكر لمن عرض عليه هذا الخيار.
  فلا يعرف حقيقة النعم إلا من عرض على نفسه فقدها، وعندها لم يحزن على ما فات عليه من غيرها.