جواهر من كنوز الوصي،

عبد الله بن علي القذان (معاصر)

[من كلام لأمير المؤمنين # في معرفة الله تعالى]

صفحة 25 - الجزء 1

  ورجع إلى قلبه هم السفر ومشقته، فمن هنا علمنا أنه يتوجب على المكلف طلب العلم، وأول العلوم وجوباً معرفة الله حق معرفته؛ لذلك قال #: (أول الدين معرفته).

  نعم، المعرفة والعلم بالأشياء لا تحصل إلا من طريقين وهما: التصديق والتصور، والله سبحانه وتعالى لا تجوز عليه المعرفة بالتصور؛ لأن التصور من صفات المحدثات والموجودات بعد العدم والله جلت عظمته لا أول لوجوده.

  وقد بين هذه الصفة السلام # بقوله: (وكمال معرفته التصديق به) لأن المؤمن بوجود الله المضطرب في ذاته وفي صفاته لم تكمل معرفته بخالقه، حتى يعتقد أن الله لا يُعرف بالتصور والتوهم كما تعرف المخلوقات، فإذا أيقن بذلك وتقرر في قلبه كذلك، لم يبق عليه من معرفة ربه إلا معنى الجملة الثالثة من قول أمير المؤمنين # وهي قوله: (وكمال التصديق به توحيده)، ومعنى ذلك: أن يعتقد ويدين أن الله جلت عظمته هو المتفرد بالصفات الإلهية والقدم.

  نعم، من صفاته عظم شأنه القدم، ومعنى ذلك أنه سبحانه وتعالى لم يسبقه وقت ولا زمان؛ لأنه خالق الوقت والزمان قال سبحانه وتعالى: {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ٣}⁣[الحديد]، وما سواه من الذوات قد سبق وجودها العدم، ويلازمها الضعف والعجز،