[من كلام لأمير المؤمنين # في معرفة الله تعالى]
  وعاقبتها النهاية والفناء، بخلاف رب العالمين وأقدر القادرين.
  إذا أطلق واحد على مخلوق دل على ضعفه، وإذا أطلق واحد على رب العالمين فهو يدل على العظمة والكمال، ولا يختص بهذه الصفة إلا ذو العزة والجلال.
  · فالواجب على المكلف بعدما ينظر في مخلوقات الله نظر المستبصر لا نظر المتحير، وذلك عندما يشاهد أجساماً كثيرة مختلفة ومتفاوتة، وأعراضاً كذلك، وثبت له بالحجة العقلية أنه لا بد لها من موجد أوجدها، ومخالف خالف بينها في صغرها وكبرها، وخالف بين ألوانها وبين منافعها وسائر أعراضها، أن يصدق بمدبر عظيم، وصانع لهذه المخلوقات حكيم، وأنه لا يجوز عليه ما جاز عليها من الجسمية والعرضية والحدوث والاختلاف؛ لأن هذه الصفات تدل على ضعف المخلوقات والعجز، وأنها محتاجة في إيجادها إلى غيرها.
  فإذا أيقن وصدق بذلك فعليه بإمعان النظر والتأمل في هذه الجملة الأخيرة من كلام أمير المؤمنين وهي قوله: (وكمال التصديق به توحيده) ومعنى ذلك: أنه لا يشاركه في ذاته وصفاته مشارك، فالقديم في حق الله تبارك وتعالى هو الذي لم يسبقه عدم، فهو جلت عظمته المتفرد بهذه الصفة،