[قول أمير المؤمنين #: مجتني الثمرة لغير وقتها]
  مكان سحيق، نسأل الله السداد، وأن يعرفنا قدر أنفسنا أمين رب العالمين.
  وآخر قرأ وأصلح وبهاتين الخصلتين كبر في عيون الملأ على قدر عزمه وإخلاصه ويوماً من الأيام عرضت له بلية فتاقت لها نفسه، وتطلع إليها بشوق ولهف وقال في نفسه: لو صليت بالناس واختطبت لكان ذلك أبلغ في نفوسهم وأنفع لهم، ولكن كيف الحيلة في زحزحة الإمام والخطيب عن منصبهما، وهو يعلم أنه إذا قدم على ذلك جرأة أن لاحظ له في ذلك، وأنه يواجه بعداوة الأكثر فتقول له نفسه وشيطانه: اطعن عليهما وصغر من حقهما شيئاً فشيئاً، حتى يملهم أكثر المصلين، فيرى أن هذه الوسيلة أنجح، وأنه لم يرد بذلك إلا صلاح وإصلاح المجتمع، ونية المؤمن خير من عمله! وعلى ذلك فقس بقية الأشياء التي تتطلع إليها النفوس، فدخل بهذه الأمور في المثل: (ومجتني الثمرة لغير وقتها كالزارع بغير أرضه)، ونمثل لذلك بمثال من أمور الدنيا: من يكون له أولاد عدة والجميع يدبون في زراعتهم أو تجارتهم أو صناعتهم، ووالدهم هو الذي يرعى مصالحهم ويدير شؤونهم، وفيهم واحد من صغارهم والده به مفتون، يسمع لكلامه، وينصت لأشواره، ويحكي لأولاده الباقين ما حلي من كلامه ويوماً من الأيام رأى أن يوليه ما جمعوه من المال