[من كلامه # في فضل القرآن الكريم]
  يخدع ولا يغش فقلب المنتصح به آمن وكم اشتمل عليه من النصائح الشافية والأرباح الوافية، فالسعيد من جعله أميره ووزيره يلجأ إليه عند المبهمات ويأوي إليه عند الفتن المهلكات ويقصده عند فاقته لينال أفضل وأحلى وأجمل الوجبات؛ لأنه سمي مأدبة الله في أرضه وروضة خاصته وربيع خلاصته.
  قوله #: (والهادي الذي لا يضل) تأمل في هذه الجمل التي يتلألأ جوهرها ويعم أرجاء المعمورة أنوارها، الهادي من يهدي غيره في المفاوز والقفار وفي عميقات البحار، ومهما كانت حنكته وطالت في هذا الشأن خبرته فإنه يوماً من الأيام يضل في نفسه ويضل غيره، أما القرآن عظمه الله وشرفه فإنه يهدي للتي هي أقوم فلا يضل تابعه وإن عمي بصره ما لم تعمى بصيرته فمن اقتفى أثره أوصله إلى غاية مطولبه ومرغوبه، فلا يهتدي بالقرآن إلا من اطلع على معسكرات الفتن ومراكز الاختبار والمحن، ورأى كتائب أصحاب الشهوات قد عفرت خدودهم بين دمائهم والتراب(١)، فلما
(١) أما من يحمل جميع الفرق على السلامة ولا يفرق بين مشبه وغيره، ولا بين من من ينزه الله من أفعال القبائح، ولا بين من ينسبها إليه فبينه وبين الهداية بالقرآن مراحل.