القول المشهور في ترجمة الإمام المنصور،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

الدعوة الأولى: دعوة الاحتساب (الإمامة الصغرى)

صفحة 38 - الجزء 1

  أكثر أهل الجبل وسلموا الرهائن، واشتد الأمر على أصحاب الإمام وألحوا عليه بالإنصراف والتأخر فأقسم بالله لا تأخر عن ذلك المكان إلا غالباً أو مغلوباً.

مقتل الأمير محمد بن حمزة صنو الإمام #:

  ثم إن الإمام أمر أخاه محمد بن حمزة بالنزول إلى قرية صبرة يتقون فيها، فأزعجه الناس إزعاجاً عظيماً فتقدم إلى العدو وقال لأصحابه: «لا تبدؤهم بالحرب حتى يبدأونا»، وكان شديد الورع كاملاً فاضلاً شجاعاً مقداماً، فما حاربهم حتى حاربوه، فلما تلاحم القتال زحف في طائفة فلم يزل يقاتل قُدُمَاً قُدُمَاً والأعداء يتكشفون عنه وأصحابه يتأخرون عنه جماعة جماعة، حتى صار عند بركة شواحط والعدو لازم بها، فأحاطوا به من كل جهة فقاتل أشد قتال، وأصاب رجلين بضربتين، ولم يقتل حتى أثخنوه بالجراحات، وقتلوه. فمضى شهيداً سعيداً رضوان الله على روحه الطاهرة.

  فلما قتل انكسر عسكره جملة وحقت الهزيمة فيهم وعادوا إلى قرية صبرة، وكثر الإزعاج للإمام والإلحاح بالتأخر، فقال الإمام #: «الآن وقع الثبات، ولزم فرض الوقوف حتى يحكم الله لنا وهو خير الحاكمين»، وفزع الإمام إلى الله ودعا بدعاء عجّل الله إجابته وهو قوله: «اللّهُمّ مِثْ قلوبهم كما يماث الملحُ في الماء».

  فاجتمع عسكر الأعداء وانفضَّ كما شاء الله بغير حرب ولا قتال ومضوا لا يلوي أحد على أحد، وجاء أصحاب الإمام وقالوا نطلع عليهم الجبل ونقتلهم، فقال الإمام #: «إن كان يمكنكم لزم الجبل وكف أيدي الناس عن القوم وأخذ أموالهم حتى يأخذ القوم بكتاب الله وسنة رسول الله ÷».