القول المشهور في ترجمة الإمام المنصور،

إبراهيم الدرسي (معاصر)

الدعوة الأولى: دعوة الاحتساب (الإمامة الصغرى)

صفحة 39 - الجزء 1

  فقال له الأمير محمد بن الناصر: «ما هذا بممكن»، فقال الإمام: «لا حاجة لي في ذلك»، فتركهم ثلاثة أيام ثم كتب إليهم كتاباً يدعوهم إلى الله وإلى إبلاغ الحق في قتل أخيه وتسليم الجناة إليه ليحكم فيهم بحكم الله، فعاد جوابهم أن أيديهم في القتل والحرب واحدة.

  ثم إن الإمام # جهز إليهم الجنود وحاربهم حرباً شديداً وضيق عليهم المسالك، وأمر بإخراب زرعهم وشدد عليهم.

  فأتى (طغتكين بن أيوب) وحط بعسكره شرقي جبل ميتك، والإمام يحض أصحابه على القتال ويوطن النفس على لقائهم ويقول لأصحابه: «غرضنا الجهاد في سبيل الله والشهادة، وقد كنا نتمنى لقاء الترك والروم والإفرنج في بلادهم غضباً لله، فهذه المقادير قد ساقتهم إلينا».

  فكثر الإلحاح من أصحابه على التأخر وهو لا يسعدهم إلى ذلك، فقالوا: «يا هذا قد ركنت إلى الجنّة فما بقيت تخاف الموت؟»، فقال: «أنا أخوفكم من النار».

  واشتد الأمر وعظم الخطب فأمر صارخاً في العشيرة فما جاءه سوى رجلين في أهبة الحرب، وقد كان أتى قبلهما أو بعدهما أنفار على غير أهبة مودِّعين.

  فبينا هم كذلك إذ طلع من عسكر كثير لطغتكين قدر أربعمائة، وطلع آل حفيظ قرن شاور، وصار الإمام في أوساط القوم وما معه إلا أصحابه، فقال لهم: (ما رأيكم في لزم جبل نشب والقتال منه)، فجذبوه وأزعجوه، فلما صار بأسفل النقيل مستقبلاً لوادي شرس جمع أصحابه وذكرهم بالله، وقال: (قد فعلنا ما أمكننا وأنا أريد منكم