الدعامة في الإمامة،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

الكلام في إمامة الحسن والحسين بعد أمير المؤمنين À أجمعين على الترتيب

صفحة 110 - الجزء 1

  فأما الحسين # ومبايعته أهل الحل والعقد له ورضاهم به من أفاضل إخوته وأهل بيته وغيرهم، فشهرة الحال فيه تغني عن تفصيلها حتى أن من تأخر عن الخروج معه من المدينة من فضلاء إخوته وغيرهم لم يتأخروا إلا بإذنه وهذا يقتضي رضاء الجماعة به.

  فإن قال قائل: ما أنكرتم أن يكون هناك قوم توقفوا عن الرضاء بإمامتها ولم يكونوا من أصحاب معاوية؟.

  قيل له: لو ثبت لم يؤثر في صحة إمامتهما @ عند من يقول بالعقد، لأن عندهم أن البيعة إذا حصلت من أهل الحل والعقد أو بالرضاء كانت تلك البيعة لازمة للكافة، فلا تفيد مخالفة من يخالف في ذلك.

  دليل آخر: وهو أن قد دللنا على كونهما أفضل الناس بعد أبيهما $، وقد ثبت أن الإمامة لا يستحقها إلا الأفضل لما بيناه فيما تقدم، فوجب أن يكونا أولى الجماعة بالإمامة.

  دليل آخر: وهو إجماع أهل البيت على إمامتهما #، وقد ثبت أن إجماعهم حجة.

  دليل آخر: وهو قول النبي صلى الله عليه وآله «الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا وأبوهما خير منهما» فدل ظاهر الخبر على إمامتهما @، واقترن به ما نبه على كونهما إمامين بعد أبيهما #، وهو قوله صلى الله عليه وآله «وأبوهما خير منهما» $ لقيام الدلالة على أن الأفضل أولى بالإمامة وأن المفضول لا يستحقها معه.

  فإن قال قائل: لم قلتم إن الخبر قد وقع العلم بصحته فيصح الاحتجاج به؟.

  قيل له: لما بيناه فيما تقدم، وهو أن كل خبر ظهر من أهل العلم على اختلاف مذاهبهم واختلاف أقوالهم - في موجب ذلك الخبر - وكان جماعتهم بين مستدل بظاهره وبين متأول له، أو مانع من التعلق بظاهره ولم يحك من أحد منهم دفعة كان ذلك إطباقاً منهم على تلقيه بالقبول.

  فإن قال قائل: ما أنكرتم أن لا يصح التعلق بظاهره، لأن ظاهره يوجب إمامتهما @ في الحال، والمعلوم خلاف ذلك؟.

  قيل له: قيام الدليل على أن موجب اللفظ غير ثابت في بعض الأحوال لا يمنع من ثبوته في غير تلك الحال التي تناولتها الدلالة، لأن أكثر ما في هذا الباب أن تكون الأحوال كالأعيان في هذا