فصل: في بيان الأوصاف التي يجب اجتماعها في الإمام والصفات التي يجب كونه عليها
  يختلفون في أن المرأة لا تصلح للإمامة وإنما اختلفوا في أنها تصلح للقضاء، ولا يختلفون أيضاً في أن الكافر لا يصلح للإمامة، وأن المسلمين لا يلزمهم طاعة الكافر، ولا فصل في هذا الباب بين الكافر من جهة التأويل والكافر لا على جهة التأويل لاشتراكهما في الكفر الذي هو علة المنع من ذلك.
  وإنما قلنا إنه لا بد من كونه عالماً: لأنه متى لم يكن عالماً لم يمكنه النهوض بالأمور التي فرضت عليه، وبطل الغرض المتعلق بالأئمة.
  وأيضاً فإن المعلوم من أحوال الصحابة أنهم كانوا لا يجوزون إمامة العوام ومن يجري مجراهم، لأنهم مع اختلافهم في أعيان الأئمة لم يختلفوا في أن العلم والفضل من الأوصاف التي لا بد من كون الإمام عليها.
  وإنما قلنا إنه لا بد من أن يكون عدلاً: لإجماع المسلمين على أن الفاسق لا يصلح للحكم والشهادة والائتمان على أموال اليتامى وما يجري مجرى ذلك، فمن تكون توليته الحكام وتعديل الشهود واختيار الأمراء بأن لا يجوز كونه فاسقاً أو لى.
  ولأن المعلوم من حال الصحابة الإطباق على أن الفسق يسقط الإمامة، ولهذا طالبوا عثمان بالإعتزال لما نقموا عليه ما نقموا.
  وإنما قلنا إنه يجب أن يكون شجاعاً سخياً سليماً من الآفات التي ذكرناها: لأن كونه على خلاف هذه الصفات يمنعه من النهوض بالأمور التي احتيج إليه لأجلها.
  فالذي يدل على وجوب كونه أفضل الناس أو كأفضلهم: فهو ما بينا فيما تقدم.
  فإن قال قائل: إلى أي حد يجب أن تبلغ هذه الصفات التي ذكرتموها حتى يصلح للإمامة، لأن ذلك إذا لم يعلم لم يصح كونها شرائط في هذا الباب.
  قيل له: جملة القول في ذلك أنه يجب أن يبلغ في العلم والعدالة المبلغ الذي يصلح معه أن يولى القضاء، وأن يبلغ في الشجاعة والضبط والسخاء الرتبة التي إذا كان عليها جاز أن يولى إمارة الجيش، وهذه جملة معلومة لا خفاء بها.