فصل: في أن الإمام لا يجب أن يكون مأمون الباطن معصوما كالرسول صلى الله عليه وآله
  فأما الصفات التي لا يجب كونه عليها: فهي أنه لا يجب أن يكون أعلم الناس بجميع المعلومات على ما يذهب إليه الإمامية ونفر من الزيدية، ولا يجب أن يكون مأمون الباطن كرسول الله صلى الله عليه وآله.
  فأما الذي يدل على أنه لا يجب أن يكون أعلم الناس بجميع المعلومات: أنا قد بينا فيما تقدم أن الإمام إنما يحتاج إليه لتنفيذ أحكام مخصوصة من جملة الشرعيات وما يتصل بذلك، وتنفيذ هذه الأمور لا يحتاج فيه إلى كون المنفذ لها أعلم الناس بجميع المعلومات.
  فأما ما يدل على أنه لا يجب أن يكون مأمون الباطن: فإن نبينه في فصل نفرده لذلك بعون الله تعالى.
فصل: في أن الإمام لا يجب أن يكون مأمون الباطن معصوماً كالرسول صلى الله عليه وآله
  اعلم أن الإمامية وبعض الزيدية ذهبوا إلى أن الإمام يجب أن يكون مأمون الباطن وإن كان طرائق من يقول بذلك من الزيدية مخالفة لطرائق الإمامية، ونحن ندل على فساد هذا القول، ونحكي ما يعتمده الفريقان من الشبهة في ذلك، ونبين فسادها بمشيئة الله تعالى وعونه.
  الذي يدل على ذلك: أنا قد بينا فيما تقدم أن الإمام إنما يحتاج إليه لإمضاء أمور شرعية على وجه الظاهر، وهذا لا يفتقر إلى كونه مأمون الباطن كما لا يفتقر إلى كون ذلك في الأمراء و الحكام والشهود، من حيث كانت الأمور التي احتيج إليهم لأجلها إنما ورد التعبد فيها بالظاهر دون الباطن.
[الجواب على شبه الإمامية]
  فأما شبه الأمامية في هذا الباب فنحن نذكر ما يعتمدونه منها ونبين فسادها:
  منها: قولهم إن الإمام لما لم يكن فوق يده يد تقومه إذا زاغ، وتمنعه إذا جار، وجب أن يكون معصوماً، وإلا لم نأمن أن يخل بالأمور التي احتيج إليه فيها؟.
  والجواب عن ذلك: أنه كونه غير مأمون الباطن مع أنه لا يد فوق يده لا يقتضي الإخلال بالأمور التي احتيج إليه فيها، لأنا قد بينا أن تلك الأمور إنما يجب اعتبار الحال في إمضائها من جهة الظاهر دون الباطن، فإن أخل بما طريقه الباطن لم يؤثر فيما احتيج إليه لأجله، لأن ذلك مما لا نكلفه ولا عبادة علينا فيه، وإن أخل بما طريقه الظاهر ظهر بطلان إمامته.