الدعامة في الإمامة،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

فصل: في بيان ما تثبت به إمامة الإمام متى لم يكن منصوصا عليه من جهة النبي صلى الله عليه وآله

صفحة 144 - الجزء 1

  ألا ترى أن اثنين لو رفعا إلى طريق ضيق لا يسع إلا واحداً منهما لكن ما يمتنع من طريق الإتفاق متى تنحى أحدهما لسلكه الآخر، أيضاً ليسلكه ومتى ابتدأ الآخر أيضاً بسلوكه، ولكن لا يجب من طريق العادة أن تستمر هذه الحال بهذا أبداً حتى لا يتمكن واحد منهم حتى يسبقه الآخر، كيف يكون حالهم فالجواب ما بيناه.

  فإن قال: فإن اختار كل واحد منهم أن يكون لهم الدعوة دون صاحبه ما حكمهم؟.

  قيل له: إذا تشاحوا على هذا الحد لم يصلح أحد منهم للإمامة، لأن ذلك يدل على أن غرضهم الملك دون القيام بإصلاح أمر الأمة.

  فإن قال: لو أن اثنين منهم كانا في طرفين متباعدين ودعا كل واحد منهما ولم يصل دعوة أحدهما إلى الآخر كيف يكون حكمهما؟.

  قيل له: هذا لا يكاد يتفق على مقتضى أصول الزيدية، لأن الإمامة لا تصلح عندهم إلا لمن كان من أهل البيت المخصوص، وعدد أفاضلهم الذين يصلحون للإمامة أقل في كل زمان من أن يحصل في أمرهم هذا الإشتباه، إلا أن ذلك إن قدرنا وقوعه.

  فالجواب عنه: أن لكل واحد منهما أن يتصرف فيما تتصرف فيه الأئمة إلى أن يبلغه خبر صاحبه فإذا بلغه ذلك سلم الأمر من أحدهما على الترتيب الذي ذكرناه.

  فإن قال: أتقولون إن كل واحد منهما كان إماماً قبل أن يبلغه خبر صاحبه؟.

  قيل له: كذلك نقول في تلك الحال وإن انكشف لنا من بعد أنهما لم يكونا إمامين.

  فإن قال: كيف تصفوهما بالإمامة مع تجويزكم أن ينكشف من حالهما أنهما غير إمامين؟.

  قيل له: هذا غير ممتنع، وسبيلهما في هذا الباب سبيل المراد إذا كان لهما وليان في طريقين متباعدين وزوجها كل واحد منهما، ألا ترى أن الواجب علينا أن نصف كل واحد من الزوجين بأنه زوجها متى لم يعلم الآخر، وإن جاز أن ينكشف لنا من بعد أن الزوج هو أحدهما إن كان عقداهما قد وقعا في حاله واحدة.