فصل: في بيان ما تثبت به إمامة الإمام متى لم يكن منصوصا عليه من جهة النبي صلى الله عليه وآله
  فإن قال: إذا قلتم إن الإمامة تثبت بالدعوة فما قولكم في جماعة من أهل البيت $ إذا اشتركوا في الصفات التي تقتضي جواز الإمامة وتساووا في التفضيل، واشتركوا في الدعوة من المستحق للإمامة منهم؟.
  قيل له: من سبقت دعوته فهو الإمام، لأن دعوة الباقين لا حكم لها، لأن الدعوة إنما تكون لها حكم إذا حصلت، ولم يكن له في الوقت دعوة ولا ثابت عن إمام.
  فإن قال قائل: فإن تساووا في الدعوة بأن تدعو الجماعة في وقت واحد كيف يكون حكمهم؟.
  قيل له: إذا كانت الحال هكذا فلا حكم لدعوة واحد منهم ولا بد من استئنافها، فمن كان منهم أولى بالأمر لاختصاصه بمزيد فضل من الفضائل التي تعتبر في الإمامة فالدعوة واجبة عليه، والإجابة لازمة للباقين.
  فإن قال: فإن تساووا في الفضل كيف يكون حالهم؟.
  قيل له: قد قال أصحابنا: إنا نعلم من طريق العادة أنه لا بد من اختصاص بعضهم بمزية من مزايا الفضل، ولكن الذي نعتمده في الجواب عن ذلك أنه متى غلب في الظن تساويهم في الفضل الذي يعتبر في الإمامة قالوا وجب على كل واحد منهم أن يدعو متى لم يسبقه غيره بالدعوة، ومتى سبق من أحد منهم بها لزم الجماعة اتباعه.
  فإن قال: ما أنكرتم أن يؤدي هذا إلى أن لا تستقر إمامة واحد منهم من حيث لا يمتنع من حالهم أن أحدهم متى ابتدأ بالدعوة ابتدأ الآخرون بها أيضاً في تلك الحال، فلا يحتمل السبق لواحد منهم ويستمر الزمان بهم على هذا الوجه، وهذا هو القول بإبطال الإمامية؟.
  قيل له: غلطت فيما قدرته، لأن الإبتداء من كل واحد بالدعوة وإن كان جائزاً على الحد الذي ذكرته وقتاً أو وقتين فلا يجوز أن يستمر الحال فيه على طريقة واحده زماناً طويلاً، وقد علمنا من طريق العادة أنه لا يجب أن يشتركوا في الإبتداء بالدعوة في كل ساعة، حتى لا يتقدم فعل أحدهم فعل الآخرين على اختلاف الأوقات.