الدعامة في الإمامة،

يحيى بن الحسين الهاروني (الإمام أبو طالب) (المتوفى: 424 هـ)

فصل: في أن الإمام في كل زمان يجب أن يكون واحدا

صفحة 146 - الجزء 1

فصل: في أن الإمام في كل زمان يجب أن يكون واحداً

  الذي يدل على ذلك إجماع الصحابة عليه: لأن المعلوم من حالهم الإطباق على أن الإمام في كل وقت يجب أن يكون واحداً، لأنهم مع اختلافهم في أعيان الأئمة لم يختلفوا في أن تثبيت إمامته لا يجوز أن يشاركه غيره فيها، وأن سبيله أن تكون يده فوق يد الجماعة، وأن طاعته لازمة للكافة، ولذلك ذهب أصحاب النص إلى أن المنصوص عليه واحد، وأن غيره لا يجوز أن يشاركه في الأمر وقوع أصحاب الإختيار إلى اختيار واحد وإيقاع العقد له دون غيره، ولذلك لما جعلها عمر شورى بين الستة جعل إلى العاقدين أن يعقدوا لهم على البدل دون الشركة، فكان من المتظاهر المعلوم بينهم أن الإمامة لا تثبت في كل زمان إلا لواحد، سواء كان طريق ثبوتها النص أو الإختيار، ثم استمر الإطباق إلى أيام التابعين ومن بعدهم من حيث لم يحك فيه ا لخلاف عن أحد من العلماء إلى أن أظهر الخلاف فيه بعض المتأخرين، وقد سبقه الإجماع وحَجَّه، فلا اعتبار بقوله.

  فأما ما يحكى عن الناصر للحق الحسن بن علي $ في هذا الباب: فظاهره يقتضي القول بجواز كون إمامين في وقت واحد، لأن المحكي عنه في ذلك أن اثنين من أفاضل أهل البيت $ إذا كانا في طريقين متباعدين ودعيا فعلى من قرب من كل واحد منهما من الناس أن ينصره إلى أن يتقاربا فيسلم أحدهما الأمر من صاحبه، لئلا يضيع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهذا غير بعيد، لأنه لا يمتنع أن يقوم كل واحد منهما بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فقط داعياً إلى الرضاء من آل محمد $، ثم يسلم الأمر منهما له، ولم يحك عنه # أنه قال كل واحد منهما يكون إماماً، بل قوله لئلا يضيع القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يشهد للوجه الذي حملنا عليه ما حكى عنه.

  فإن قال قائل: ما أنكرتم أن يكون من فزع من الصحابة إلى العقد لواحد إنما فزع إلى ذلك لأنه رأى المصلحة فيه في ذلك الوقت ولا دلالة في ذلك على أنهم كانوا لا يخبرون خلافه؟.

  قيل له: المعلوم من حالهم أنهم كانوا إنما يفزعون إلى العقد لواحد على وجه لا يجوزون إيقاع العقد لغيره، ألا ترى أن كثيراً منهم كانت تتخلف آراؤهم في من هو أولى بالإمامة، فمتى وقع